هلال وظلال
عبد المنعم هلال
ـ الأستاذ فضل إبراهيم رحمة، المعروف بين الناس بـ(فضل أبو عاصم)، زول أم درماني أصيل من حي أبو سعد، قضى عمره في بلاط الصحافة الرياضية أكثر من خمسين سنة، متنقّلًا بين الصحف السودانية، وكان أيضًا من أقدم المراسلين في الإذاعة السودانية عبر برنامج عالم الرياضة، يعكس أخبار الناشئين والشباب من كل الميادين.
بيحكي فضل أبو عاصم إن دخوله لعالم الإعلام ما كان مهنة في البداية، إنما هواية ساي.. وأكتر حاجة شدتني – يقول – إنو كنت بشوف جارنا في الحي ماسك الجريدة ويقرا فيها كل يوم، وعمري وقتها ما جاوز التمانية سنين، وما كان عندي أي علاقة لا بالقراءة لا بالكتابة. فوق دا كلو أبوي ذاتو كان رافض المدرسة رفض شديد، دايرني أساعدو في بيع اللبن ورعاية البهائم في المزرعة.
لكن المزرعة كانت قريبة من المدرسة، وكنت أستغل فرصة الفسحة وأحاول ألقط الحروف من التلاميذ. ولما أبوي شاف إصراري الكبير على التعليم، رسلني لخلاوي أم ضواً بان، ودي كانت البداية لمحاربة الأمية وتعلم القراءة. ومن هناك مشيت في طريق المراسلة للصحف والمجلات، ورسائلي كلها كانت بتلقى القبول عشان مضمونها كان صادق وعاكس للواقع.. وهكذا بدأ فضل أبو عاصم مسيرته الإعلامية الطويلة.
ـ من في الوسط الرياضي لا يعرف فضل أبو عاصم، صاحب الجسد النحيل والعمل الكبير.. صاحب النظارة السميكة والروح الشفيفة، الرجل الذي أفنى نصف قرن من عمره في خدمة الرياضة والإعلام. ظل يجوب الملاعب ويطوف الساحات الرياضية، ينقل الأخبار بحياد، يكتشف المواهب ويرعى الناشئين بحب وإخلاص. عرفه الجميع رمزًا للنقاء والعطاء، فكان أبًا روحيًا لأجيال من اللاعبين والإداريين والإعلاميين، وعَلَمًا من أعلام الإذاعة السودانية.
ـ لكن الزمن قلب الصفحة.. والحرب زادت الوجع.. فضل أبو عاصم، اللفه طول عمرو في الملاعب وصوتو كان بيرن في كل بيت عبر عالم الرياضة، وحسب إفادة الزميل هيثم السيد، فإن الأستاذ فضل أبو عاصم اليوم في محنة ما سهلة. نزح من أبوسعد – البقت مرتبطة بيهو وبصوتو – ومشى شمال أم درمان بعد معاناة، وهناك سمع الخبر المفجع.. استشهاد ولدو المقاتل. وبرغم الفقد الكبير، واجه المصيبة دي بصبر المؤمنين، لكن الأمراض ما وقفت، وزادت عليه محنة النظر البقت تهدد حياتو اليومية، وهو بيلف من مستشفى لمستشفى يدور علاج وما لاقي.
ـ فضل أبو عاصم لمن تعرفو عن قرب، تلقاه زول عفيف ونزيه، ما بيعرف يشتكي ولا بيعرف يتاجر بمعاناتو. طول عمره كان صوت للناشئين، متجول في الملاعب الصغيرة، يدون أسماء المواهب ويشجع الصغار كأنو أب وأخ ليهم. هو الزول القال للرياضة: ها أنا هنا من أجلكم. لكن الليلة السؤال: وين نحن منو؟
ـ فضل أبو عاصم بذل عمرو كلو للرياضة والإعلام.. أليس من حقو علينا نقيف معاهو في ظرفو دا؟ أليس من الوفاء إنو نرد الجميل؟
ـ يا جماعة الخير.. شيخ الإعلام الرياضي بمر بوقت صعب.. وما معقول نخليهو وحدو يقاسي المرض والفقد.
ـ إلى كل الرياضيين.. إلى الاتحاد العام.. إلى الهلال برئاسة السوباط والعليقي.. إلى اتحاد الناشئين – القدم ليهو الأستاذ فضل أبو عاصم الكثير من الخدمة والعطاء وأفنى فيهو عمرو – الليلة دورنا جا عشان نثبت إنو الرياضة ما بس لعب في الملاعب، إنما هي إنسانية وأخلاق ووفاء. والوفاء ما بيقيف عند حدود الكلام.. الوفاء فعل وسند حقيقي.
ـ خلونا نتلم حول رمز من رموزنا الكبيرة، نساعدو ونعينو ونكرمو وهو حي بيننا. فرد الجميل لفضل أبو عاصم واجب.. وواجب اليوم قبل بكرة.
ـ زول زي دا خدم الرياضة والإعلام والناشئين نص قرن.. يستاهل وقفتنا.. يستاهل نرد ليهو الجميل.. يستاهل نوريهو إنو نحن أوفياء وما بنخليهو في ضعفو.
ـ فضل أبو عاصم ما داير صدقة.. داير وفاء.. داير ناس الرياضة كلهم يتلموا حولو ويقيفوا معاهو.. الوفاء ما كلام ساي.. الوفاء فعل.
ـ خلونا نكون أوفى من الكلام.. ونثبت إنو الرياضة إنسانية قبل ما تكون تنافس.
0 التعليقات:
أضف تعليقك