بهدوء
علم الدين هاشم
لم يعد منتخبنا الوطني \"صقور الجديان\" ذلك الفريق الذي يدخل البطولات بحذر ويغادرها بخيبة أمل. ما نراه اليوم مختلف تمامًا: منتخب بروح جديدة، وأسلوب حديث، وفكر تدريبي فرض شخصيته على المنافسين قبل الجماهير. وما بين بداية البطولة واليوم تغيّر كل شيء… صار الحلم واقعًا، والثقة سلاحًا، واللقب هدفًا مشروعًا.
الفضل الأول في هذا التحول الكبير يعود للرجل الهادئ، المدرب الغاني كواسي أبياه، الذي جاء ليعيد صياغة المنتخب من الصفر. لم يركن للمجاملات، ولم يقع في فخ الأسماء اللامعة كما فعل كثيرون من قبله، لم ينظر إلى ألوان قمصان الأندية بل إلى الجاهزية وحدها. اختار من يستحق اللعب وصنع توليفة قوية بلا اعتبار للأسماء الكبيرة، فبات المنتخب يلعب كرة واقعية وعصرية، بعيدة عن الفوضى والعشوائية التي عانينا منها طويلاً.
أحد أبرز شواهد عبقرية كواسي كان رهانه الجريء على الحارس محمد أبوجا من نادي الزمالة بأم روابة. هذا الحارس الذي لم يكن في دائرة الضوء من قبل، أصبح بفضل رؤية مدربه بطل العبور التاريخي، حين تصدى ببسالة لضربتي جزاء حاسمتين أمام الجزائر، ليكتب اسمه في ذاكرة البطولة ويمنح صقور الجديان بطاقة التأهل إلى نصف النهائي.
والأهم من كل ذلك أن المنتخب بات يتطور من مباراة إلى أخرى. ففي كل جولة نرى فريقًا أكثر نضجًا وثباتًا، وأكثر قدرة على قراءة الخصوم وكسر رهبة المباريات الكبيرة. بصمة كواسي واضحة، والمنتخب اليوم يلعب بروح مقاتلة، وانضباط تكتيكي، وثقة متجددة في كل لمسة وتمريره.
الآن نحن على موعد مع مواجهة مدغشقر في نصف النهائي، مواجهة لا تحتمل الأعذار. الانتصار فيها يعني أن الحلم صار على بعد خطوة، وأن الكأس أصبحت في المتناول. الجماهير باتت ترى في المنتخب مرشحًا فوق العادة للقب، لا لأننا نتمنى ذلك فحسب، بل لأننا نملك فريقًا مقاتلًا ومدربًا يعرف كيف يصنع الفارق.
صقور الجديان اليوم ليسوا مجرد مشاركين في البطولة، إنهم مشروع بطل. كواسي وعد بالتطوير، وها هو يفي، واللاعبون استوعبوا الدرس. ولأن الحلم لم يعد مستحيلًا، فقد حان وقت التحليق نحو المجد.
0 التعليقات:
أضف تعليقك