الفاضل حسن (سقراط)
ألف مبروك انتصار منتخب السودان على منتخب الجزائر والتأهل إلى مربع الكبار في بطولة إفريقيا للمحليين (الشان). هذا الانتصار جلب الفرحة لكل السودانيين الذين شردتهم هذه الحرب اللعينة في أرجاء المعمورة، وحقق مقولة \"الألم يولد الإبداع\". والتهنئة موصولة لكل من ساهم في زرع هذه الفرحة من تحت ركام ودمار الحرب، أولًا لمقاتلي صقور الجديان لسكبهم العرق والدم داخل الميدان، وإلى وزارة الشباب والرياضة واتحاد الكرة، ثم إلى الجهاز الفني الذي يعمل في ظل ظروف استثنائية بالغة الصعوبة. كما لا يفوتنا شكر سلطان برقو على تحفيزه اللافت والمستمر للاعبي المنتخب.
تأهل المنتخب السوداني متصدّرًا المجموعة الرابعة التي ضمت منتخبات قوية مثل السنغال ونيجيريا والكونغو، واستطاع الجهاز الفني تجهيز البدائل المناسبة للاعبين المصابين، مثل كابتن رمضان عجب وكابتن محمد عبدالرحمن، وكذلك الإضافات الناجحة في خط المقدمة مثل أسد ومازن فضل. وبفضل العمل الاحترافي للجهاز الفني تمكن منتخب السودان من تخطي منتخب الجزائر في دور الـ8، الجزائر الذي حل وصيفًا في المجموعة الثالثة التي ضمت منتخبات عريقة مثل جنوب أفريقيا وغينيا، إضافة إلى الدولة المضيفة أوغندا.
مباراة الجزائر تقودنا إلى نقطة مهمة وهي تحميل الحارس أبوجا مسؤولية هدف التعادل، ولكنني أختلف مع هذا الرأي. الحارس أبوجا لا يتحمل مسؤولية الهدف؛ إذ أن الهدف أفرز نقطة سلبية في لاعبي منتخب السودان، وهي السلبية تجاه قرارات الحكم أو ما يعرف بالعامية بـ\"بصعلقة كرة القدم أو الشفتنة\"، حيث كان من الممكن الاعتراض بشدة على صحة الهدف، إذ كان هناك احتكاك واضح مع الحارس، إضافة إلى لمس الكرة باليد، وكان من الممكن الضغط على الحكم ومطالبته باللجوء إلى تقنية الفيديو (الفار).
تجاوز الجزائر يقودنا إلى مواجهة قوية أخرى في مربع الكبار ضد منتخب مدغشقر، هذا المنتخب الشاب والمتطور دومًا، والذي تأهل محققًا وصافة المجموعة الثانية رفقة تنزانيا البلد المضيف، وتمكن في دور الـ8 من تجاوز كينيا البلد المضيف الآخر. يعتمد منتخب مدغشقر على طريقة 4-4-2 ويطبقها بانضباط تكتيكي عالٍ، بوجود أطراف فعالة مثل استيفانو ورابيمانا كأظهرة، والأطراف الهجومية مثل راندريامانا ولالينا، وكذلك لاعب الوسط داكس، بإشراف المدير الفني القدير روموالد. ولا بد أن الجهاز الفني للمنتخب السوداني قد أعد العدة مبكرًا لهذه المواجهة القوية.
الظروف القاسية التي يمر بها المنتخب السوداني بسبب الحرب اللعينة أدت إلى فقدان العديد من اللاعبين فرص الاستقرار الأسري، كما أن عدم وجود دوري محلي منتظم جعل من الصعب على اللاعبين الحفاظ على لياقتهم البدنية والتكتيكية. هؤلاء اللاعبون لا يمثلون أنفسهم فقط، بل يمثلون شريحة واسعة من الشعب السوداني الذي يسعى إلى العودة إلى الحياة الطبيعية. وكل هذه التحديات أثمرت عن هذا النجاح، الذي يُعد أولًا مصدر فخر وإلهام للجماهير، وثانيًا كان دافعًا قويًا للاعب السوداني للظفر بجائزة أفضل لاعب في المباراة في أربع مناسبات: مرتان للاعب عبدالرؤوف، ومرة للاعب صلاح عادل، وأخيرًا للحارس أبوجا.
كل التوفيق والنجاح للمنتخب السوداني في مباراة مدغشقر للوصول إلى النهائي والظفر بكأس البطولة بإذن الله.
0 التعليقات:
أضف تعليقك