بلا ميعاد : عوض أحمد عمر
• لا يقتصر دور المعلق الرياضي على وصف مجريات اللعب أو ذكر أسماء اللاعبين وحركاتهم داخل الملعب، بل يتجاوز ذلك ليكون شاهداً أميناً على الحدث، يقدم للجمهور رواية صادقة تعكس تفاصيل المباراة بموضوعية وحياد.
• فالمعلق ليس مجرد صوت يرافق الصورة، بل عنصر أساسي يساهم في تشكيل تجربة المشاهدة، إذ قد يرفع من قيمة المباراة بإضافاته وتحليلاته، أو يحولها إلى تجربة مشوشة ومنفّرة إذا غابت عنه الكفاءة والمهنية.
• إن الحياد والمهنية في التعليق الرياضي ليسا ترفاً يمكن التنازل عنه، بل هما أساس تُبنى عليه ثقة المشاهدين في الوسيلة الإعلامية.
• فأي انحراف عن الموضوعية يُضعف هذه الثقة ويحوّل التعليق من وسيلة للتنوير والإعلام والتشويق إلى أداة لتأجيج الانفعالات وفرض الانحياز.
• وهذا ما يجعل وظيفة المعلق أكثر من مجرد وصف، بل مسؤولية أخلاقية تقتضي احترام عقل الجمهور ومشاعره.
• ما شهدناه في مباراة السودان والجزائر ببطولة \"الشان\" كان مثالاً حياً على خطورة الإخلال بهذه القيم.
• فقد تحوّل المعلق علي محمد علي عبر شاشة \"بي إن سبورتس\" من صوت يُفترض أن يكمل الصورة بالحياد والموضوعية، إلى طرف منحاز يعبّر عن مواقف وانفعالات شخصية، ما أثار صدمة لدى المشاهدين.
• الجمهور السوداني على وجه الخصوص شعر أن المعلق لم ينقل الوصف بإنصاف، بل أظهر انحيازاً واضحاً. كما استغرب متابعون آخرون، من خارج السودان، هذا الخروج عن المهنية من مؤسسة إعلامية يُفترض أنها الأكثر حرصاً على الحياد واحترام جمهورها.
• كان من المنتظر أن يقدم المعلق صورة متكاملة للمباراة: يتحدث عن الأداء، يلفت الانتباه إلى الأحداث المهمة، ويترك للجمهور فرصة تكوين رأيه بعيداً عن الانحياز.
• إلا أن المعلق بدا وكأنه يستحضر أجواء مشحونة من الماضي، خاصة ما رافق مباراة مصر والجزائر الشهيرة في الخرطوم، والتي دخل على إثرها بعض الإعلام المصري في جدل واسع حول موقف الجماهير السودانية التي انقسمت حينها بين المنتخبين.
• وكأن المعلق استدعى تلك الذاكرة ليعيد إنتاجها في مباراة لا علاقة لها بها، فخرج التعليق من حيادٍ مطلوب إلى تصفية حسابات غير مبررة.
• هذا النهج لم يمر مرور الكرام، فقد أدرك الجمهور السوداني حجم الانحياز وواجهه برفض واضح، وشاركه في ذلك كثير من مشاهدي القناة – بمن فيهم مصريون – أعربوا عن استيائهم من هذا السلوك، معتبرين أن التعليق خرج عن المهنية إلى الانفعال الشخصي والانحياز الضار.
• ومن هنا برز التساؤل: هل يحق لمؤسسة بحجم \"بي إن سبورتس\" أن تسمح لمعلق بتشويه صورتها لدى ملايين المتابعين؟
• المؤكد أن التعليق الرياضي ليس وظيفة تقليدية، بل هو واجهة للقناة ورسالة مباشرة إلى الجمهور.
• وأي إخلال بمبدأ الحياد لا يسيء إلى المعلق وحده، بل يضرب سمعة المؤسسة الإعلامية بأكملها.
▪️آخر الكلم ▪️
ما قام به المعلق علي محمد علي لا يمكن اعتباره زلّة عابرة، بل يمثل خرقاً جوهرياً للمعايير المهنية، وإساءة مباشرة للجمهور، وضرباً لمفهوم الحياد الذي يفترض أن يكون أساس أي عمل إعلامي محترف ومنضبط. واليوم تقف \"بي إن سبورتس\" أمام امتحان أخلاقي وقيمي لتعيد الاعتبار لمصداقيتها عبر مراجعة هذه التجاوزات غير المقبولة وغير المبررة.
Omeraz1@hotmail.com
0 التعليقات:
أضف تعليقك