الجمعة 21/نوفمبر/2025
الجعلي: انتفاضة أبريل كادت تُفشل صفقة الحارس التنزاني

عضو مجلس إدارة  الهلال ومدير الكرة السابق يفتح خزائن الأسرار ويروي الرحلة الأخطر في تاريخ التسجيلات (3)

الجعلي: انتفاضة أبريل كادت تُفشل صفقة الحارس التنزاني

 

 

مستشار نُميري في الكواليس… والطيب وحمزة عثمان سهّلا المهمة

من مكتب نقيب المحامين في دار السلام… وقّعتُ عقد انتقال بازي

الطيب عبدالله يقود أكبر عملية تضليل في الميركاتو السوداني

البابا خدع المريخاب باسم “صلاح بمبان”… وخطف حمد ود ديبة في اللحظة الحاسمة

جميل وتوتي… محطة سرّية حاسمة في أخطر صفقات الهلال

 

 

يقدم عبدالعزيز الجعلي، عضو مجلس إدارة الهلال ومدير الكرة السابق، في الجزء الثالث الجزء من الحوار مع آكشن سبورت،  سردًا تاريخيًا دقيقًا لأحداث صنعت ملامح حقبة كاملة في تاريخ النادي. يكشف الجعلي لأول مرة تفاصيل تسجيل الحارس التنزاني عيدي بازي شعبان، الذي أصبح أول لاعب أجنبي ينضم لنادٍ سوداني، بعد رحلة دراماتيكية امتدت من دار السلام إلى نيروبي ثم الخرطوم التي كان مطارها مغلقًا إثر ثورة أبريل. ويستعيد الجعلي، بذاكرة حاضرة، كواليس واحدة من أذكى العمليات الإدارية في تاريخ التسجيلات: خطة الطيب عبدالله وطاقمه لخطف حمد والديبة، وكيف نجح الهلال في تضليل المريخ بخدعة "صلاح بمبان"، لتُفتح الطريق أمام انتقال أحد أبرز نجوم ذلك الجيل. بين السياسة والرياضة، والمغامرة والتخطيط، يقدم الجعلي وثيقة نادرة تعكس دهاء الإدارات القديمة وقوة استراتيجياتها.

 

  • من أين بدأ اهتمام الهلال بالحارس عيدي بازي؟ وما تفاصيل بروزه في دورة الثقافة، وكيف تحوّل ذلك الاهتمام إلى خطوات عملية داخل المجلس؟
    بدأ الاهتمام بالحارس التنزاني عيدي بازي شعبان خلال مشاركته مع فريق سيمبا في دورة الثقافة التي أُقيمت في السودان. وقد لفت الأنظار بوضوح في النسخة الأولى من الدورة، إذ كان من أبرز اللاعبين، وتحديدًا في مركز الحراسة، حتى غدا حديث الأندية المشاركة. هذا التألق هو ما دفع الهلال إلى التحرك نحو التعاقد معه، وبدأ مجلس الإدارة في دراسة إمكانية ضمه بعد أن أثبت أنه الحارس الأكثر تميزًا في تلك الفعالية الرياضية.

 

 إلى أي مدى أثرت الظروف السياسية على عملية تسجيل اللاعب، خصوصًا أن من بادر بفكرة تسجيله الدكتور بهاء الدين محمد ادريس وزير رئاسة الجمهورية ؟ وما الدور الذي لعبته قيادات الهلال في دعم الصفقة؟
كان الدكتور بهاء الدين يشغل منصبًا حساسًا في الدولة، إذ  كان يعمل  وزيرا لشؤون مجلس الوزراء ومستشارًا للرئيس الأسبق جعفر نُميري في أواخر فترة مايو، كان  بهاء الدين يحرص على حضور تدريبات ومباريات الهلال بسرية تامة وبطريقة متخفية. وقد أبدى رغبة واضحة في انتقال بازي  للنادي، فيما لعب عدد من قيادات الهلال دورًا محوريًا في إتمام الصفقة، وعلى رأسهم الرئيس الطيب عبدالله، والسكرتير حمزة عثمان عبدالسلام، الذين أظهروا إصرارًا كبيرًا على ضم اللاعب رغم حساسية موقعه السياسي.

 

  • كيف بدأت الاتصالات الأولى مع إدارة نادي سيمبا؟ وما موقف رئيس النادي والسكرتير؟ وكيف أثرت رغبة اللاعب في مسار المفاوضات؟
    بدأت المفاوضات عندما سافرت الى تنزانيا بتكليف من مجلس إدارة الهلال فالتقيت إدارة نادي سيمبا، وكان يرأسها الأستاذ سعيد العامري، نقيب المحامين في تنزانيا، وإلى جانبه السكرتير ويفاها. وقد أبلغت الإدارة برغبة اللاعب الواضحة في الانتقال إلى الهلال، وأكّدها بنفسه أمام الرئيس والسكرتير. ووفقًا للوائح السائدة آنذاك، فإن رغبة اللاعب الهاوي تُنفّذ دون قيد أو شرط. وافق نادي سيمبا على انتقاله بشرط توقيع عقد قانوني يحفظ حقوقه، وتم إعداد العقد في مكتب الأستاذ العامري بحضور شقيقته السيدة فاطمة، التي كانت تعمل سكرتيرًا أول بوزارة الخارجية التنزانية. وقبل سفري إلى تنزانيا، زرتُ الدكتور كمال شداد الخبير الرياضي، فزوّدني بقوانين ولوائح انتقالات اللاعبين من بلدٍ إلى آخر، وقدم لي عدداً من النصائح القيّمة، الأمر الذي ساهم في تيسير مهمتي بشكل كبير.

 

  • قبل إكمال الصفقة وصلك خبر إغلاق مطار الخرطوم عقب ثورة أبريل… كيف تعاملت مع الظرف الطارئ؟ وكيف استقبلت جماهير الهلال أول لاعب أجنبي؟
    قبيل مغادرتي تنزانيا، تلقيت اتصالًا يفيد بإغلاق مطار الخرطوم نتيجة لثورة أبريل 1985 وتسلّم المشير سوار الذهب السلطة. فتوجّهت من دار السلام إلى نيروبي عبر مومباسا وانتظرت ثلاثة أيام حتى أعيد فتح المطار. وبعد وصولي للخرطوم حاملاً الأوراق الرسمية، اكتملت إجراءات التسجيل وتم استقبال اللاعب بحفاوة كبيرة من جماهير الهلال وأعضاء النادي، يتقدمهم الرئيس الطيب عبدالله، تقديرًا لقيمة الحدث بوصفه أول لاعب أجنبي  في تاريخ الأندية يلعب في السودان.

 

                                  حمد والديبة

  • ننتقل لتسجيل الثنائي حمد والديبة من الأهلي مدني ونسأل ما الذي جعلهما هدفًا رئيسيًا للهلال؟ وكيف بدأت خطة انتقالهما ؟
    حمد والديبة كانا هدفًا مهمًا للهلال نظرًا لإمكاناتهما الكبيرة وحاجة الفريق للاعبين بمواصفاتهما. بدأت الخطة عندما حضر إلى منزلي الرئيس الطيب عبدالله والعم دياب إدريس المدير التنفيذي للنادي وصديق أبو إدريس رئيس رابطة مشجعي الهلال المركزية، وطلبوا التحرك فورًا إلى صحيفة «الصحافة». أراد الطيب عبدالله تنفيذ خطة دقيقة تبدأ من هناك، نظرًا لأن فترة التسجيلات كانت على وشك الانتهاء، وكان الوقت ضيقًا للغاية.

 

  • كيف تم تنفيذ الخطة ولماذ توجهتم الى صحيفة الصحافة؟
    عندما دخلنا القسم الرياضي بصحيفة «الصحافة»، كنا نعلم مسبقًا أن الصحفي محمد هساي غير موجود وهو صحفي هلالابي، وأن الموجود هو الصحفي المريخي المعروف أحمد محمد الحسن. أخبرناه بأن الرئيس الطيب عبدالله ينتظر خارج المبنى، فاندفع بحماس ليحصل على سبق صحفي. وعندما سأل عن اللاعبين الذين ينوي الهلال تسجيلهم، أخبرناه أن هدف الهلال هو اللاعب صلاح بمبان، الذي كان قد سجل في شباك الهلال قبل أيام عندما كان لاعبا في الأهلي مدني وارتبط اسمه بحادثة البمبان. كان الهدف من ذلك تضليل المريخ وإبعاد أنظاره عن اللاعب الحقيقي المطلوب، وهو حمد ود ديبة.

 

  • بعد تسريب خبر رغبة الهلال في تسجيل صلاح بمبان… كيف تحرك المريخ؟ وكيف استغللتم الموقف لبدء التحركات الحقيقية في مدني لجلب حمد والديبة؟
    بمجرد خروج الصحفي أحمد محمد الحسن من دار الصحيفة، أبلغ إدارة وأقطاب المريخ بأن الهلال يتحرك بقوة لتسجيل صلاح بمبان. وهنا بدأت خطة الهلال الحقيقية، إذ أجرينا اتصالات بأقطاب الهلال في مدني، مثل بهاء الدين بحيري وعبدالعال إخوان، إلى جانب الإخوة علي ترير وعمر علي حامد، من أجل التحرك فورًا لجلب حمد والديبة إلى الخرطوم قبل انتهاء فترة التسجيلات.

 

  • كيف اكتملت الخطوة الأخيرة من الصفقة وما هو دور كابتن دفع الله حاج سعيد (جميل) الذي تم تسجيله في نفس الفترة في العملية .. وكيف تقيّم تلك العملية اليوم؟
    تم في مساء اليوم نفسه إكمال التفاوض مع كابتن دفع الله حاج سعيد (جميل)، لاعب المنتخب القومي والأهلي الخرطوم، وقد استضافه أقطاب الهلال في توتي لمدة خمسة أيام لضمان سرية التحركات حتى اكتمل تسجيل حمد والديبة رسميًا ثم تسجيل جميل بعد ذلك. وتعد هذه العملية مثالًا بارزًا على الحنكة الإدارية للرئيس الطيب عبدالله ورفاقه، حيث اجتمع فيها ذكاء التخطيط بسرعة التنفيذ وهدوء الأعصاب.

 


0 التعليقات:

أضف تعليقك

آخر الأخبار