أحمد حسب الرسول والفريق السنوسي فتحا لي أبواب الدخول للمجلس
أبو حراز وعبدالرحمن سر الختم.. عقلان إداريان في خدمة الكيان
شمس الدين عبدالكريم وعوض البلولة.. وجوه صنعت هيبة الإدارة
كمال وهبة ومحمد حسين كسلا.. بصمات خالدة في إعداد اللائحة التنظيمية
حمد دفع الله وجميل وطارق أحمد آدم.. صوت اللاعبين في صناعة القرار
قاهر الظلام باع إجازته لتسجيل (الثعلب)
في الجزء الثاني من الحوار مع عبدالعزيز الجعلي، عضو مجلس إدارة نادي الهلال ومدير الكرة الأسبق، يواصل الجعلي حديث الذكريات والوفاء، مستعيدًا سنوات التسعينيات التي شهدت واحدة من أقوى إدارات النادي، برئاسة الأستاذ طه علي البشير أولًا، ثم عبدالمجيد منصور بعد استقالة طه بأقل من ثلاثة أشهر من تعيينه.
يكشف الجعلي عن كواليس انضمامه للمجلس بعد اتصالات قادها الأستاذ أحمد حسب الرسول بدر والفريق أول محمد السنوسي، ويحكي عن الاجتماعات الأولى مع وزير الشباب والرياضة اللواء إبراهيم نايل إيدام، وعن الوجوه البارزة التي صنعت هيبة الهلال في تلك الفترة. كما يسلط الضوء على الجهود التنظيمية الكبرى التي تُوجت بإعداد اللائحة الداخلية للاعبين، والتي كانت من أبرز إنجازات النادي على المستوى الإداري.
حديث الجعلي في هذه الحلقة يكشف بصدق روح الجيل الذي بنى الهلال بالانضباط والعلاقات الإنسانية والوفاء الخالص للكيان.
الترشيح والبداية.. اتصال أعادني إلى قلب الهلال
- بعد نجاحك في العمل الإداري في الثمانينيات، كيف تم اختيارك لاحقًا لعضوية مجلس الإدارة؟
يقول الجعلي:
دخولي لمجلس إدارة الهلال كان في عام 1990، وبدأ الأمر باتصال من الأستاذ أحمد حسب الرسول بدر – رحمه الله – وهو من أعمدة الهلال المشهورين، كان رجلًا صاحب خُلق ومحبًا للكيان، خدمه في أكثر من موقع، منها وزير التربية والتعليم ووزير الرياضة بولاية الخرطوم.
بعدها تلقيت اتصالًا آخر من الفريق أول محمد السنوسي أحمد محمد، قائد سلاح المهندسين وقتها، وهو صديق قديم لي تربطني به علاقة وطيدة. أبلغاني بأن هناك اجتماعًا مهمًا صباح الغد في مكتب وزير الشباب والرياضة اللواء إبراهيم نايل إيدام بشارع النيل، وأن اسمي تم ترشيحه ضمن الأعضاء الجدد في مجلس إدارة الهلال.
ذهبت برفقة الأستاذ أحمد حسب الرسول بدر، وهناك وجدت مجموعة من الرموز الهلالية الكبار مثل شمس الدين عبدالكريم، سيف الدين مرغني، محمد أحمد بلوله، وعوض البلوله، وغيرهم من الإخوة الكرام الذين تشرفت بالعمل معهم لاحقًا.
كان الجو يملؤه الحماس والانضباط، وشعرت منذ اللحظة الأولى أنني أمام مرحلة جديدة ومختلفة في تاريخ الهلال.
مجلسٌ من ذهب.. قيادة حازمة وروح فريق واحدة
- كيف تم تشكيل المجلس الجديد، ومن هم أبرز الأعضاء الذين عملت معهم؟
خلال ثلاثة أيام فقط من ذلك الاجتماع، تم الاتصال بي رسميًا وأُبلغت بأنني ضمن التشكيل الجديد. وقد جاء المجلس على النحو التالي:
• الأستاذ طه علي البشير رئيسًا للنادي
• اللواء عثمان سير الخاتم سكرتيرًا عامًا
• الأستاذ مامون بشير نفيدي أمينًا للخزينة
• الأستاذ عوض البلولة نائبًا للرئيس
• الفريق عبدالرحمن سر الختم مساعدًا للرئيس
• الأستاذ عبدالمجيد منصور مساعدًا للرئيس
• المهندس عمر البكري أبو حراز مساعدًا للرئيس
• الأستاذ شمس الدين عبدالكريم مديرًا للمنشآت
• العميد سيف الدين مرغني مديرًا للمناشط الرياضية
كما ضم المجلس أسماء أخرى مؤثرة مثل الأمين عبد المنعم وبابكر حسن طه أبو حراز.
أذكر أن الأخ عوض أحمد البلوله رشحني لأن أكون نائبًا للسكرتير، لكني اعتذرت احترامًا لترتيبات داخلية بالمجلس، فتولى المنصب الأستاذ الأمين عبد المنعم، وواصلنا العمل بروح الفريق الواحد.
كان مجلسًا متماسكًا بكل ما تعني الكلمة، يتميز بالهيبة والفعالية.
بعد استقالة السيد طه تولى عبدالمجيد منصور الرئاسة، وكان رجلًا حازمًا ومنضبطًا ومحبًا للنظام، استطاع أن يجعل من المجلس مؤسسة حقيقية تتعامل بوعي إداري وتنظيم دقيق.
وقد حظي هذا المجلس بتقدير واسع من الاتحاد المحلي والعام، وكان يُشار إليه بالبنان كأحد أفضل المجالس في تاريخ الهلال.
روح الوفاء والتضحية.. قصص لا تُنسى
- كيف كانت الأجواء داخل المجلس؟ وهل هناك مواقف ما زلت تذكرها حتى اليوم؟
كانت العلاقة بين الأعضاء مميزة جدًا، تتجاوز الإطار الإداري إلى صداقة حقيقية.
كنا نلتقي خارج الاجتماعات ونتبادل الزيارات الأسرية، وكنت أعتز كثيرًا بعلاقاتي مع الإخوة عبدالمجيد منصور وعمر البكري أبو حراز وغيرهما من الرموز.
الهلال كان بيتًا يجمعنا، والعلاقات كانت مبنية على المحبة والتقدير، وليس المصالح.
أذكر موقفًا يدل على روح التضحية حين كنا نسعى لتسجيل لاعبين مثل كدوس وجمال محمد خميس (الثعلب).
كنا نجتمع في الليل لإكمال الترتيبات، وأحيانًا لا تتوفر المبالغ المطلوبة، فيتدخل بعض الأعضاء بدعم شخصي.
المرحوم عبدالمجيد منصور، مثلًا، باع إجازته في البنك الإسلامي السوداني ليتمكن من توفير المبلغ اللازم لتسجيل جمال الثعلب!
مثل هذه المواقف لا تُنسى، لأنها تعبّر عن الإخلاص والولاء الحقيقي للنادي، لا مجرد العمل الإداري.
اللائحة الداخلية.. حجر الأساس في الاحتراف والانضباط
- تحدّثت عن أهمية التنظيم، متى بدأت فكرة إعداد لائحة اللاعبين؟
نعم، بعد فترة من العمل شعرنا بضرورة وجود لائحة واضحة تنظم العلاقة بين النادي واللاعبين، خاصة بعد ازدياد الالتزامات المالية والفنية.
بدأنا العمل الجاد على إعداد هذه اللائحة، وكان معنا في اللجنة العم دياب إدريس المدير التنفيذي للنادي، والراحل كمال وهبة، وعلي أحمد عباس، وعدد من الخبراء واللاعبين القدامى منهم مروان الفاضل، عزالدين هارون (والد خالد عزالدين)، حمد دفع الله، جميل حاج سعيد، وطارق أحمد آدم قائد الفريق وقتها.
كما استعنا لاحقًا بالدكتور محمد حسين كسلا، وكانت مساهماته مهمة جدًا في الجوانب القانونية والطبية.
ناقشنا كل المواد والبنود بحضور كابتن حمد دفع الله والراحل دفع الله حاج سعيد (جميل)، وتمت إجازة اللائحة بعد جهد كبير من اللجنة التي ضمت أكثر من خمسة عشر عضوًا.
كانت تلك اللائحة نقلة نوعية في تاريخ الهلال، لأنها أرست أسس الاحتراف والانضباط، وأصبحت مرجعًا تنظيميًا يُحتذى به في بقية الأندية.
ذكريات لا تُنسى.. الهلال بيتٌ للوفاء والانتماء
- بعد كل هذه السنوات، كيف تنظر إلى تلك المرحلة وما الذي تمثله بالنسبة لك شخصيًا؟
تلك المرحلة كانت من أجمل فترات حياتي. خدمت الهلال بإخلاص وبلا أي غاية شخصية.
العمل مع مجلس عبدالمجيد منصور علّمني الكثير، فقد كان رجلًا ذكيًا وعمليًا ومخلصًا للكيان، لا يتردد في تقديم ما يملك من أجل النادي.
أفتخر بأنني كنت جزءًا من تلك المجموعة التي أسست لنهج إداري متطور في الهلال، وأعتبر أن وضع اللائحة التنظيمية واحد من أهم إنجازاتنا، لأنها كانت خطوة مؤسسية غير مسبوقة.
الهلال بالنسبة لي قضية انتماء ووفاء، وليس مجرد وظيفة أو عضوية.
عشت معه أجمل لحظات العطاء، وما زلت أعتز بكل من عرفتهم خلال تلك المسيرة، من إداريين ولاعبين وجماهير.
الهلال مدرسة تربينا فيها على الصدق والتجرد، وهذا ما يجب أن يتوارثه كل جيل.
رسالة للجيل الجديد..
إلى الجيل الجديد من الإداريين واللاعبين في الهلال، أقول لهم:
“حافظوا على روح الهلال، فهي سر قوته.
لا تجعلوا المصلحة تغلب على الانتماء، فالكيان أكبر من الجميع.
الهلال بُني بالصدق والتجرد، وكل من أحبّه بصدق سيبقى اسمه خالدًا في تاريخه.”

0 التعليقات:
أضف تعليقك