الجمعة 21/نوفمبر/2025
زينب البدوي.. من صحافة الأحياء إلى قمة الإعلام العالمي

لندن وأكسفورد الانطلاقة ثم إلى شاشات العالم..  حكاية  المذيعة السودانية التي صنعت مجدها بالصوت والعقل

زينب البدوي.. من صحافة الأحياء إلى قمة الإعلام العالمي

 

 

والدها زرع الحلم في المنفى.. والابنة حصدت الثمار في عواصم العالم

بيل كلينتون .. بلير  والدالاي لاما .. لقاءات خالدة وثقتها بالصورة والصوت

الصاوي: زينب مشروع وعيٍ إعلامي تجاوز حدود الوطن إلى العالم

 

لم يكن يخطر ببال الإعلامي السوداني محمد خير البدوي، الذي حزم حقيبته مغادرًا السودان في مطلع الستينيات، أن كريمته زينب – التي رافقته وهي طفلة لا تُجيد من النطق سوى كلمات بسيطة داخل نطاق الأسرة – ستصبح يومًا ما رقمًا مهمًا في مجال الإعلام، وصاحبة تأثير قوي في مجمل القضايا السياسية في العالم، وفي بريطانيا التي نالت جنسيتها بالإقامة.

أصبحت زينب بملامحها الإفريقية “سلطانة المايكروفون” في ميدان الحوارات والبرامج السياسية.

 

كانت زينب، الطفلة التي لم تتجاوز الثلاث سنوات، أكثر التصاقًا بوالدها، الذي كان يحدق في سماء بلاده متأملًا مستقبلها في العالم الجديد. كان البدوي، الإعلامي المتمسك بسودانيته والمعتز بانتمائه وأصوله وتاريخه، أكثر تعلقًا بالأرض من تعلق ابنته بحضنه.

هوية مزدوجة

نشأت زينب، بملامحها السودانية البريئة، في مدينة لندن، ودرست في مدارسها واختلطت بمجتمعها، ولعبت في حدائقها. وغالبًا ما تشير ابنة البدوي إلى أنها، رغم حضورها إلى بريطانيا وهي طفلة صغيرة، تشعر بفخر كبير بانتمائها السوداني والعربي والإفريقي.

وقد ذكرت في حوار سابق مع صحيفة الشرق الأوسط أنها تمتلك هوية مزدوجة، وتشعر بارتياح عميق حين تكون في السودان، وهو الإحساس ذاته الذي يسكنها حين تكون في إنجلترا.

 

درست زينب البدوي الفلسفة والاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة أكسفورد، وحصلت على درجة الماجستير من جامعة لندن. ويرى كثيرون أنها مع مرور الزمن ابتعدت عن وطنها الأم، السودان، غير أن هذا الابتعاد مبرر وغير مزعج؛ إذ إنها غادرته وهي طفلة لم تتشكل شخصيتها بعد، ونشأت وتكونت في المجتمع البريطاني.

ويرى البعض أن حديثها عن الهوية المزدوجة غير دقيق، لأن حياتها كلها إنجليزية في ثقافتها وتربيتها ومزاجها، رغم احتفاظها بقدر من الاعتزاز بجذورها.

مقارنة بين اسرتين

ويقارن آخرون بين أبناء الأديب السوداني الراحل الطيب صالح وأبناء الإعلامي محمد خير البدوي؛ إذ يرون أنه رغم تمسك الطيب والبدوي الشديد بسودانيتهما، فإن أبناءهما ابتعدوا عن السودان ولم تربطهم به صلة حقيقية. ويشير البعض إلى نموذج آخر هو زوجة العلامة الراحل الدكتور عبد الله الطيب، التي رغم أصولها الأوروبية، عاشت في السودان واندمجت في مجتمعه حتى أصبحت جزءًا منه، تشاركه أفراحه وأتراحه، بخلاف ما حدث مع أسرتي البدوي والطيب صالح.

ومن يتابع سيرة زينب البدوي يدرك أنها شخصية صنعت لنفسها منهجًا واضحًا في مسيرتها المهنية، واستفادت من كل الفرص التي أُتيحت لها لتحقيق طموحاتها.

نقلة وإبهار

بدأت زينب مشوارها العملي من صحافة الأحياء المحلية، ثم عملت باحثة ومقدمة برامج في تلفزيون يوركشير في مطلع الثمانينيات، عقب تخرجها مباشرة من الجامعة. وبعدها انتقلت إلى القناة الرابعة البريطانية في نهاية الحقبة نفسها، وهناك برزت كمذيعة تمتلك أدوات النجاح كافة: الموهبة، والاحترافية، والمعرفة، والقدرة على إدارة الحوار السياسي.

 

أبهرت زينب البدوي الجمهور البريطاني والعالمي عندما انضمت إلى هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، حيث أظهرت قدرة عالية في الأداء الصحفي الرصين، واحترافية لافتة في إدارة الحوارات ضمن برنامجها الشهير "هارد توك" (Hard Talk).

واستفادت من خلفيتها الأكاديمية في الفلسفة والاقتصاد والعلوم السياسية لتجري حوارات مؤثرة مع شخصيات عالمية بارزة مثل الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير، والدالاي لاما، والراحلة بينظير بوتو.

تقدم مهني

ويشير الإعلامي والناقد الفني مصعب الصاوي إلى أن زينب البدوي بدأت حياتها المهنية في صحيفة محلية، ثم عملت على تطوير موهبتها الإعلامية عقب إكمال دراستها الجامعية في بريطانيا، وانفتحت على المشهد السياسي والفكري هناك، خاصة في أوساط حزب العمال البريطاني، كما توسعت اهتماماتها البحثية حول الشرق الأوسط وأفريقيا.

ويضيف الصاوي أن زينب، من خلال عملها في الـBBC، أحرزت تقدمًا مهنيًا ملحوظًا في مجال الأخبار والبرامج السياسية، وتولت لسنوات ملف الحوار السياسي مع رموز وشخصيات قيادية عالمية.

ومؤخرًا، اتجهت زينب البدوي إلى الوثائقيات، وقدمت سلسلة عن التاريخ الإفريقي وأخرى عن الحضارة السودانية، كما أصدرت كتابًا مرجعيًا بعنوان "الفراعنة السود" تناولت فيه عمق الحضارات السودانية القديمة.


0 التعليقات:

أضف تعليقك

آخر الأخبار