سيدا.. القائد الذي أحبّته الجماهير واختلفت حوله الأقدار
من أول لمسة موهبة.. إلى حاضرٍ يزهو بالتحليل والحضور
شطبه كان الصاعقة.. وانتقاله للمريخ كان الزلزال!
حين خلع القميص الأزرق وارتدى الأحمر.. اهتزّ السودان
البرنس… الاسم الذي يستدعي الذكريات الجميلة لكل هلالابي عاش المجد والمتعة الكروية في التسعينات والألفية الجديدة.
هيثم مصطفى واحد من أعظم اللاعبين الذين مرّوا على الملاعب السودانية؛ صانع ألعاب بموهبة ربانية وذكاء كروي نادر، ومهارة تخلي الكورة تمشي زي ما داير هو بالضبط.
بدأ هيثم مشواره الكروي في نادي الأمير، وهناك ظهرت لمساتُه وذكاؤه من أول تمريرة.
الهلال ما كان ممكن يفوّت فرصة زي دي، فخطفه وجابه للقلعة الزرقاء في منتصف التسعينات، ومن هنا بدأت الحكاية الحقيقية.
17 عامًا من المجد
قرابة 17 سنة وهو لابس الشعار الأزرق، صانع أفراحٍ وقائد ميدانٍ لا يخشى المعارك الكروية.
شارك مع الهلال في بطولاتٍ أفريقية كثيرة، وكان في قلب كل إنجاز: تمريرات ساحرة، أهداف حاسمة، وحضور يخليك تحس إنو الميدان كلو تحت سيطرتو.
البرنس قائدٌ بمعنى الكلمة، ما كان مجرد لاعب موهوب، بل قائد حقيقي يعرف كيف يرفع الروح المعنوية ويقود الفريق وقت الشدة.
محترم، منضبط، ولسانو قليل داخل الملعب، لكن حضورو طاغٍ وهيبتو واضحة.
الهلال وقتها كان يتنفس بـ"البرنس"، وجماهيره كانت بتشوف فيهو رمز الانتماء والعزة.
أطلقت عليه جماهير الهلال لقب (سيدا)، وبعضهم قال (سيد أبوها)، وحملته في عيونهم وأدخلوه في قلوبهم وتوّجوه أميرًا على الكرة السودانية.
الصاعقة… شطبه من الهلال
الشرارة الأولى اندلعت عام 2012 إثر خلافه مع رئيس النادي وقتها الأمين البرير.
السبب كان حوارًا صحفيًا مثيرًا مع صحيفة حبيب البلد الرياضية، تحدّث فيه بصراحة عن إدارة النادي، وذكر أن هناك مخططًا يقوده البرير لتدميره، واتهمه بمحاولة اغتياله معنويًا وإبعاده عن المنظومة الهلالية.
الكلام دا أغضب المجلس والرئيس، فصدر القرار الصادم: شطبو من الهلال!
الخبر نزل على جمهور الهلال كالصاعقة؛ الشارع الأزرق انقسم بين من قال إنو أخطأ، ومن رأى أن النادي ظلم رمزًا من رموزه.
الانتقال المدوّي للأحمر
بعد أسابيع قليلة كانت المفاجأة: هيثم مصطفى يوقّع للمريخ!
الحدث هزّ السودان كلو… كيف قائد الهلال التاريخي يلبس شعار الندّ التقليدي؟
جماهير الهلال بكت واحتجت، لكن هيثم بعناده لم يتراجع.
قال في المؤتمر الصحفي:
«الهلال صفحة وطويتها.. المريخ فريق كبير وحنقدّم معاهو الجديد».
الكلام دا استفز جمهور الهلال، لكنه أفرح جمهور المريخ الذي رأى في الخطوة انتصارًا إداريًا ومعنويًا كبيرًا.
بين الحب والخذلان
بعد انتقاله، اشتعلت الساحة الكروية.
ناس قالت إنو خان الهلال وتمرد، وناس تانية شافت الخطوة عادية من نجم كبير داير يختم مشواره بطريقة مختلفة.
المحللون اختلفوا، لكن الكل اتفق على إنو “هيثم” ما زال حالة خاصة.
جماهير الهلال ما سامحته، وقالت إنو بعقوبته للبرير عاقب جماهيره ونفسه.
وفي أول مباراة له ضد الهلال بقميص المريخ، كانت المشاعر مختلطة:
نص الجمهور صفّق ليه من حبّو القديم، والنص التاني هتف ضده من وجعه.
تجربة الأهلي شندي
بعد تجربته القصيرة مع المريخ، التي تُوّجت بكأس السودان، انتقل إلى الأهلي شندي، نادي صديقه الأرباب صلاح ادريس، بعد فشل كل المحاولات لإرجاعه للهلال.
وفي أغسطس 2022، وبعد عشر سنين من شطبه، سجّل الهلال البرنس مرة أخرى تسجيلًا شرفيًا، ثم شطبه مباشرة ليكون آخر نادٍ يرتدي شعاره هو الهلال نفسه.
من الميدان إلى الاستديو
بعد الاعتزال، شدّ الرحال إلى الدوحة، واتجه للتحليل الرياضي في قناة بي إن سبورتس.
ظهر في استديوهات كبيرة، وحلل مباريات عالمية، لكنه واجه أيضًا الجدل المعتاد:
بعض الناس قالت إنه “ما نافع محلل”، وناس تانية شافت فيه وجهًا راقيًا ومتوازنًا وهادئًا.
ورغم الانتقادات، أثبت وجوده كوجهٍ سوداني أنيق في واحدة من أكبر القنوات الرياضية في العالم.
المصالحة بعد العاصفة
بعد مرور السنين، رجعت المياه إلى مجاريها نسبيًا.
هيثم بيظهر أحيانًا في مناسبات الهلال، والجماهير عادت تحتفي بيه وتغفر له، بعد ما عرفت إنو خلافه كان ضد الإدارة وليس ضد الكيان.
أما جماهير المريخ فما زالت تحترمه وتذكره كأحد النجوم الكبار الذين ارتدوا الشعار الأحمر في لحظة تاريخية.
البرنس اليوم يتعامل بحكمة وهدوء، ويدعو دائمًا إلى احترام الرموز ولمّ الشمل بين جماهير القطبين.
أرقام لا تُنسى
- سنواته في الهلال: قرابة 17 عامًا (1996 – 2012)
- البطولات المحلية: أكثر من 20 بطولة (دوري، كأس، وسوبر)
- المشاركات الأفريقية: أكثر من 100 مباراة في دوري الأبطال
- مع المنتخب: شارك في سيكافا، الشان، وأمم أفريقيا 2008 بغانا
- اختير أفضل لاعب في السودان عدة مرات
- مع المريخ: موسم واحد تُوّج فيه بـ كأس السودان
موهبة نادرة واسطورة
هيثم مصطفى “البرنس” و”سيدا” اسم محفور في ذاكرة الكرة السودانية.
صنع المجد بالأزرق، وكتب فصلًا مثيرًا بالأحمر، وواصل بالعقل والتحليل بعد الاعتزال.
اختلف الناس حوله، لكنهم اتفقوا على أنه موهبة نادرة وأسطورة كروية حقيقية لا تتكرر.
الزمن سيذكر دائمًا أن البرنس كان جزءًا من تاريخ الهلال والمريخ، وجزءًا من وجدان كل سوداني يحب الكرة الجميلة.

0 التعليقات:
أضف تعليقك