الخميس 18/سبتمبر/2025

هوية في مهب الريح… من يعبث بتاريخ المريخ؟

هوية في مهب الريح… من يعبث بتاريخ المريخ؟
 
محمد الخطيب
mkhateeeb@gmail.com
المريخ ليس مجرد نادٍ رياضي؛ إنه تاريخ ممتد، ووجدان جمعي، ورمز تشكّل في ذاكرة الملايين باللونين الأحمر والأصفر، اللذين صارا أكثر من مجرد زي… صارا علمًا وهويةً وروحًا. لذلك كان المشهد صادمًا حين ظهر المريخ مرتديًا اللون الأبيض، متجردًا من رمزيته، متخليًا عن ثوبٍ صنع أمجاده، وكأنما أُريد له أن يبيع ذاكرته في سوق العبث.
الألوان ليست تفصيلة شكلية تُغيَّر بقرار عابر؛ إنها ثوابت مقدسة، كتبت بها صفحات الانتصار، وتعطّرت بها هتافات الجماهير، وارتبطت بها الأهازيج والأعلام واللافتات. الأحمر شجاعةٌ وقتال، والأصفر ضوءُ أملٍ وانتصار. ومعهما، كان المريخ أكبر من مجرد فريق، بل كيان بحجم وطن.
ما فعله المجلس لم يكن مجرد خطأ إداري، بل جريمة معنوية في حق الهوية. فالزي الأبيض لم يكن يومًا لون المريخ، ولا يمكن أن يكون. والتفريط في الألوان هو أول الطريق لفقدان الانتماء وانكسار الرابط المقدس بين الكيان وجماهيره. أي رسالة يريد المجلس إيصالها؟ وأي مبرر يمكن أن يقنع الملايين بأن التخلي عن الأحمر والأصفر أمرٌ عادي؟
لقد عبّرت الجماهير عن غضبها بوضوح، لأن هذا المساس يمس جوهرها قبل أن يمس فريقها. فهي التي صبرت على الانكسارات، وتحملت الأزمات، لكنها لن تسامح على هدم الثوابت. الهوية خط أحمر، ومن يتجاوزه يضع النادي في مواجهة مع جماهيره ومع التاريخ الذي لا يرحم.
العالم كله يدرك قيمة الهوية البصرية. برشلونة لم يتخلَّ عن "البلوغرانا"، وريال مدريد لم يساوم على الأبيض، وليفربول لم يغيّر الأحمر القاني. هذا الثبات لم يصنع فقط قوة الانتماء، بل صنع العلامة التجارية والتاريخ. فما الذي يدفع المريخ ليتنازل عن ألوانه في لحظة عابرة؟
المريخ بحاجة إلى مجلس يعي قدسية الكيان، ويحافظ على رموزه قبل البحث عن البطولات. فما قيمة النصر إذا جاء بثوب غريب يُجرّد الفريق من ذاته؟ وما جدوى الإنجاز إذا كان ثمنه بيع التاريخ ومحو الهوية؟
إنه نداء صريح: أدركوا المريخ قبل أن يضيع. فالتاريخ لا يغفر العبث، والجماهير لا ترحم حين يتعلق الأمر بمقدساتها. والمريخ بلا ألوانه… ليس المريخ.

0 التعليقات:

أضف تعليقك

آخر الأخبار