لا يمكن وصف ما حدث لمنتخب الناشئين إلا بأنه فضيحة مدوية ستظل وصمةً في جبين من يديرون كرة القدم في البلاد، ففي مباراتين فقط تلقى منتخبنا للناشئين 15 هدفاً كاملة.
خسر أمام تنزانيا 6/0 وأمام أوغندا 9/0 دون أن ينجح لاعب واحد في تسجيل هدف شرفي يحفظ ماء الوجه.
نتائج كهذه لا تحدث صدفة ولا تأتي بسبب سوء يوم أو تعثر عابر، بل هي نتاج فوضى إدارية مستمرة، وغياب التخطيط، وتهميش الفئات السنية، وانعدام بيئة كرة القدم الحقيقية.
على قادة الاتحاد العام لكرة القدم – إن كانت لديهم ذرة من المسؤولية – أن يعلنوا استقالاتهم فوراً.
هذه الكارثة ليست خسارة مباراة، بل فضيحة وطنية ودليل قاطع على أن الاتحاد لا يمتلك رؤية ولا منهجاً ولا أدوات تطوير.
كان الأجدى بهم الاعتذار عن المشاركة منذ البداية، بدلاً من الزج بمنتخب لم يُعد ولم يُجهز في مواجهة فرق تملك برامج واضحة ومواهب مصقولة.
المحاسبة أولاً… قبل الاستقالة.
فالاستقالة وحدها لا تكفي. يجب محاسبة كل من شارك في هذه الجريمة الرياضية: من اختار اللاعبين، ومن أجاز القائمة، ومن سمح بالمشاركة دون إعداد، ومن تجاهل بناء دوري للناشئين، ومن آثر الترحال والسفر والتنقل بين المطارات على التخطيط والعمل.
كيف تم اختيار لاعبين لا صلة لهم بكرة القدم؟ وهل انعدمت المواهب في السودان؟ أم أن الالتزام بالأعمار الحقيقية جعل الفارق كبيراً بعد سنوات من التلاعب بالأعمار في المنتخبات السنية؟
لا دوري للناشئين… ولا رؤية… ولا استعداد.
واتحاد بلا رؤية وبلا بنية وبلا مسابقات فئات سنية ينتج لنا بالضرورة كوارث كهذه.
فمن دون دوري ناشئين للأندية، ومن دون مدارس كروية منظمة، ومن دون إعداد، تم الدفع بهؤلاء الأطفال إلى المحرقة ليعودوا محطمين نفسياً وجسدياً.
لقد شاهدنا موجة الحزن والبكاء والانهيار التي انتابت اللاعبين الصغار… وليس ذنبهم، بل ذنب من استهان بمشاعرهم ومدى تأثير هذه الهزائم عليهم.
استقيلوا يرحمكم الله.
السودان بلد المواهب… بلد المجد الكروي القديم… بلد أنجب جكسا وكمال عبد الوهاب والنقر وغيرهم من الأفذاذ… لا يستحق أن يصبح مضحكة بين الأمم.
إلى قادة الاتحاد العام… استقيلوا يرحمكم الله.
واتركوا الراية لمن يملك فكراً ورؤية وشرف تحمل المسؤولية.
كفاكم تشبثاً بالكراسي. لقد آن الأوان أن يدرك القائمون على أمر كرة القدم في السودان أن المناصب ليست ميراثاً ولا ملكية خاصة، وأن الرياضة لا تنهض بالمجاملات ولا تُدار بالعشوائية.
ما حدث لمنتخب الناشئين يكفي وحده ليكون بيان إدانة نهائياً وحكماً قاطعاً على فشل منظومة كاملة.
فقد سئم الناس أعذاركم وملّوا وعودكم التي لا تتحقق.
دعوا الساحة لمن يملك القدرة على الإصلاح، فالسودان يستحق الأفضل، ومواهبنا تستحق من يرعاها، ولا مكان بعد اليوم لمن يصرّ على البقاء رغم الخراب الذي خلّفه.
0 التعليقات:
أضف تعليقك