مثلك لا يموت يا عيسى
بقلم: د. زهير السراج
رحل عنّا الأستاذ والمعلم والمربّي والصحفي الكبير، والرياضي المرموق، والإنسان المحبوب للجميع، رفيق العمر، الصديق، القريب، الحبيب عيسى السراج، وتركنا للحزن والدموع والآلام.
عيسى، الذي لم يعرفه إنسان إلا أحبه واحترمه، وعشق رفقته وعلمه الغزير، وأستاذيته التي لا تُعوّض.
كان عاشقًا لمهنة التدريس، شأنه شأن أبناء وبنات أسرتنا العاشقة للعلم والتعلُّم والتعليم. عمل فور تخرّجه مُدرسًا في وزارة التربية والتعليم، وكان في الوقت نفسه يُساعد والده، المُربي الكبير عمّنا المرحوم محمد محمد صالح عبد المجيد السراج، في تأسيس الصرح التعليمي الضخم مدارس المستقبل للبنين والبنات بأم درمان، التي كانت تضم المراحل الدراسية الثلاث: الابتدائية، والوسطى، والثانوية، وأضاف إليها فيما بعد مرحلة التعليم قبل الأساسي ورياض الأطفال.
ظل مثابرًا على التطوير، وإضافة كل ما هو جديد في مجال التربية والتعليم. وقد أوكل إليه والده قيادة المؤسسة التعليمية بأكملها عندما رأى فيه الكفاءة والمقدرة والحماس. ولم يكن غريبًا أن يُحقق الكثير من النجاحات، ليس فقط في مجال التعليم، بل في كافة الأنشطة المصاحبة له، مثل الرياضة، والرسم، والفن، وغيرها. وتخرّج على يديه الكثير من العلماء والمبدعين، وكيف لا، وهو المُبدع والمُثقف والرياضي وصاحب الإنجازات والإبداعات في كل المجالات.
كما كان صحفيًا بارعًا وكاتبًا لا يُشق له غبار، وصاحب عمود صحفي مقروء في السياسة والتاريخ السياسي والرياضة. وكان عاشقًا للرياضة بكل أنواعها، خاصة كرة القدم، وتطوع للعمل في العديد من المؤسسات الرياضية مثل نادي المريخ، ونادي ود نوباوي، ورابطة أم درمان، والاتحاد العام للناشئين، وحقق الكثير من النجاحات، ونال العديد من الأوسمة والميداليات.
كان عاشقًا للشعر والفن، محبًا للغناء، لدرجة أن منزله كان مقامًا دائمًا لكبار المطربين ومحبي الغناء والطرب، وجمعته علاقات صداقة بمعظم الفنانين، خاصة الكابلي، ومحمد ميرغني، وصلاح بن البادية.
وكان عيسى حاضرًا دائمًا في الأعمال الطوعية والخيرية، ولم يبخل يومًا بكرمه وفضله على أحد، وظل صاحب يدٍ ممدودة للجميع. وعندما اندلعت الحرب اللعينة في البلاد في أبريل 2023، لم يُغادر أم درمان، بل ظل حاضرًا بكرمه، وفضله، وابتسامته، وعزيمته التي تُصهر الحديد.
وكان كريمًا حتى في موته، إذ انتقل إلى رحمة الله صباح السبت الماضي، وهو مُسجّى على سريره الذي نام عليه، وعلى وجهه نفس الابتسامة الجميلة التي اعتاد أن يقابل بها الجميع.
ستظل يا عيسى حاضرًا على الدوام في قلوبنا، ومجالسنا، وكتاباتنا، ومدارسنا، وذكرياتنا، وحياتنا، وذاكرة شعبنا إلى الأبد...
فمثلك لا يُنسى، ولا يموت.
ولا نملك إلا أن ندعو الله أن يُوسّع مرقدك، ويُحسن إليك، ويعتقك من النار، ويجعلك في زمرة الصديقين والشهداء، وحَسُن أولئك رفيقًا.
سائلين الله لنا ولأسرتك الكريمة الصبر والسلوان.
إنّا لله وإنّا إليه راجعون.
0 التعليقات:
أضف تعليقك