الجمعة 21/نوفمبر/2025
كم عمري؟

 

 

ما وهنتُ يومًا، أعاند الأيام وتعاندني...
تسرق مني العمر رغم أنفي، وأبتسم في وجهها كمن يُسلّم للمصير.
"كم عمرك؟" سؤالٌ حائر يطاردني كلما واجهت مرآة الصمت.
أتأمل، أحدّق بلا عينين، وأسمع أصواتًا هادئة... موسيقى تنساب برفقٍ في وجداني، تدغدغ أحلامي، وترحل بي في متاهات الزمن.

الحب الصامت الحزين يرسم لوحاتٍ ناعمة، وينقش بإزميل الألم غاباتٍ من الصمت...
أنهارًا ووديانًا، وبين ترحالها ضاع عمري.
تسألني... وأسأل نفسي:
كم عمري؟

أسأل الليالي والنجوم والقمر:
كم من العمر قضيته معك أنيسًا بعد فراق الأحبة والأهل؟
لا تضحكي، ولا تهزئي بي، فأنا أعرف الحساب...
لكن الأيام تسبقني، وأنا أركض وراءها، ألهث وهي تمضي غير عابئة بي.
أركض... ألهث... ولا أهتم، لأن العمر ماضٍ في كل حال.

أعود لأبدأ الحساب من جديد،
أيامٌ مضت لا أذكر منها شيئًا...
أيام الرضاعة والفطام، ثم الطفولة والصبا،
وتعلّمت من الأيام كيف أزرع... ومتى أحصد،
لكن بين الزرع والحصاد تمضي الأيام،
وتحصد هي أيضًا من أعمارنا ما تشاء.

وصدى صوتٍ بعيدٍ يهمس لي:
"إذا وجدتَ الحبَّ يومًا، فلا تحرم فؤادك ما يريد...
فالعمرُ سنينٌ يا ولدي، والهوى يومٌ وحيد."

أيامٌ وسنينٌ مضت، فرحتُ فيها، وحزنت، وتعلّمت...
تعلّمت أن العمر ليس حساب سنينٍ وأيام،
بل هو حبٌّ وعملٌ وعطاء.
العمرُ الحقيقي هو ما تقدّمه لنفسك من تقوى وعملٍ صالح،
وما تزرعه في قلوب الآخرين من أثرٍ لا يزول.

0 التعليقات:

أضف تعليقك

آخر الأخبار