في الصميم
حسن أحمد حسن
يقول صاحب القصة:
في أحد الأيام أغضبني جمل لم يكن مطيعًا، فقمت بتأديبه وإهانته وضربه حتى خرَّ على الأرض.
ويضيف الرجل:
بعد ذلك أصبح الجمل مطيعًا لعدة أيام، وكنت أتعامل معه بحذر شديد ولا أغفل عنه لحظة.
وفي إحدى الليالي كنت أجلس أمام منزلي برفقة بعض الأصحاب، فقال لي أحدهم وكان خبيرًا بتربية الجمال:
"بعيرك الليلة تصرفاته غريبة، ولا تبشِّر بخير، أراه كل فترة يراقبك وأنت داخل المنزل وخارجه. خذ حذرك منه."
فأجبته شاكرًا: جزاك الله خيرًا، سأكون حذرًا.
وبعدها جهزت فراشي للنوم أمام المنزل، لكنني وضعت مسندًا في مكان نومي وغطَّيته باللحاف، ثم تسللت إلى الداخل وصعدت إلى سطح المنزل لأراقب.
فإذا بي أراه يتوجه نحو الفراش الذي ظن أنني أنام فيه. كان يمشي بخفة حتى لا يُحدِث صوتًا، كأنه رجل يريد الانقضاض على صيده، ثم هجم بسرعة البرق على الفراش، فبرك عليه وأخذ يدوسه بصدره ويمزقه بأنيابه!
ولما همَّ الجمل بترك الفراش ناديته، فلما رآني أخذ يلف ويدور في مكانه ثم سقط أرضًا من شدة القهر. وفي الصباح وجدته قد فارق الحياة في ذات الموضع.
يقول الرجل: دعوت أصحابي وقصصت عليهم ما حدث، ثم قمنا بفتح صدره لنعرف سبب موته، فأقسم أنهم وجدوا قلبه قد انفجر من شدة الغيظ.
هذا حيوان! فما بالكم بالإنسان المقهور والمظلوم؟
إيّاكم والظلم يا إخواني وأخواتي.
إيّاكم أن تظلموا أزواجكم أو زوجاتكم، أبناءكم أو بناتكم، إخوتكم أو أقاربكم أو أي إنسان.
"الظلم ظلمات يوم القيامة، ودعوة المظلوم لا تُرد ولو كان كافرًا."
ليس شرطًا أن يكون الألم جسديًا، فقد تكون دعوة المظلوم سببًا في حياة مليئة بالآلام النفسية.
إيّاك أن تظلم أحدًا.
{وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ}
فالله يُمهل ولا يُهمل، وكل ساقٍ سيسقى بما سقى يومًا ما.
"فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره."
الدنيا تدور، والمشاهد تعود، والأدوار تتبدل.
يوماً ما ستجد ما فعلته بغيرك قد عاد إليك، فإنما تُدان بما تدين.
من قهر سيُقهر، ومن ظلم سيُظلم.
كل زارع سيحصد ما زرع.
"البِرُّ لا يبلى، والذنب لا يُنسى، والديّان لا يموت، فافعل ما شئت فكما تدين تُدان."
وما كان ربك نسيًا.
0 التعليقات:
أضف تعليقك