الجمعة 21/نوفمبر/2025

سكاتي ولا الكلام الني

سكاتي ولا الكلام الني

 

 

"سكاتي ولا الكلام الني" يعكس هذا المثل حكمة الشخص الذي يفضّل الصمت على الكلام الفارغ أو غير المفيد، وهو دليل على وعيه بأهمية الكلمة وتأثيرها.
فنجد دائمًا أن جمال الوعي يولد من رماد التجربة، فكم من باب طرقناه بأملٍ فإذا هو ممرّ إلى وجعٍ لا يُحتمل، وكم من بابٍ أغلقناه بدمعةٍ فإذا خلفه سلامٌ لم نكن نعلم أننا نستحقه.

إن القلوب التي مرّت بالنار لا تعود كما كانت، بل تصير أكثر هدوءًا وتمييزًا بين النور والوميض الزائف.
فالتجارب القاسية ليست لتكسرنا، بل لتهذّب بصيرتنا، وتجعلنا نحسن الإصغاء إلى نداء الحدس حين يهمس لنا:
هذا الباب لك... وذاك دعه مغلقًا.
هكذا نتعلّم أن الحكمة ليست في كثرة الطرق، بل في حسن الاختيار.

عندما يجلس الإنسان مع نفسه ويراجع دفاتر أيّامه، يجد فيها أشكالًا وألوانًا من البشر:
منهم من مدّ له يدًا أنقذته في ساعة محنة،
ومنهم من دفعه بأخرى إلى مصيرٍ مؤلم.

وأيضًا، سوف تكتشف وأنت تراجع دفاتر أيامك أن هناك من غرس في أرضك شجرةً كبرت وصارت لها ظلال وثمر،
ومن غرس في قلبك سهمًا لم تتوقعه، فدمّر كل شيءٍ لك بالنار.

البعض يترك لك رصيدًا غاليًا من الذكريات،
كلّما التفتَّ حولك وجدت منه دائمًا شيئًا جميلًا يحيط بك.
والبعض الآخر لا يترك لك سوى الأسى.
ولهذا، لن يكون غريبًا أن ترحل من ذاكرتك عشرات الوجوه،
وتختفي عشرات العناوين، وتتلاشى ملامح كثيرة،
لكن تبقى أمامك بعض الوجوه التي لا تفارق عينيك أبدًا،
والتي كلّما تذكرتها ابتسمت.

كنت أكره أن تبقى الأمور عالقةً دون حل،
إلى أن فهمت أن بعض الأشخاص والمواقف لا تستحق حتى الحديث،
فهناك أشياء لا تُصلح بالكلام، بل بالابتعاد،
لأن الحوار لا يجدي إلا مع من يملك نيّة الفهم،
ومع من يرى فيك إنسانًا، لا خصمًا.

 

0 التعليقات:

أضف تعليقك

آخر الأخبار