رحلت عن دنيانا قبل ايام أختنا الغالية، الدكتورة هنادي، الإنسانة الفريدة التي حملت في قلبها نور الرحمة، وفي عينيها بريق الإخلاص، وفي مسيرتها معنى الإنسانية بأسمى صورها.
كانت رمزًا للعطاء النبيل، وواحةً من الحنان لا تعرف حدودًا. لم تعرف يومًا للراحة سبيلًا في طريق الخير، ولم تنتظر من عطائها سوى رضا الله وابتسامة المحتاج. كرّست حياتها للعمل التطوعي، مؤمنةً أن خدمة الناس شرفٌ لا يناله إلا أصحاب القلوب الكبيرة.
بابتسامتها كانت تزرع الأمل، وبكلماتها كانت تواسي الضعفاء، وبذراعيها كانت تحتضن الأطفال بحنان الأم وعطف المربية. كانت ترى في الأطفال ذوي الإعاقة الفكرية أرواحًا نقية تستحق الحب والرعاية، فكانت لهم أمًّا قبل أن تكون طبيبة أو معلّمة، والنور الذي أضاء عتمة الصمت، واليد التي امتدت بالرحمة حين ضاقت بهم الحياة.
رحلت بهدوءٍ كما عاشت، تاركةً وراءها أثرًا خالدًا في كل مشروعٍ أطلقته، وفي كل يدٍ أمسكت بها لتنهض، وفي كل نفسٍ تنفّست بفضل عطائها. سيبقى اسمها محفورًا في ذاكرة كل من عرفها، وفي عيون أولئك الأطفال الذين أحبّوها بصدقٍ فطريٍّ لا يعرف الزيف.
لقد كانت الأخت الحنون التي تسند من حولها، وتبعث الطمأنينة في القلوب بابتسامتها. بصوتها كان يبتسم الصباح، وبضحكتها يزول الهم، وبقلبها الكبير كانت تلمّ الجراح وتخفّف الآلام. واليوم، وقد غابت عن أعيننا، أدركنا أكثر من أي وقتٍ مضى كم كان وجودها نعمةً لا تُقدَّر بثمن.
برحيلها خيّم الحزن على القلوب، وصار الوجع ضيفًا لا يغادر.
رحيلها لم يكن حدثًا عابرًا، بل كان زلزالًا هزّ القلوب، وجرحًا عميقًا في الأرواح. غاب الجسد، لكنّ ذكراها العطرة لا تغيب، وعبق طيبتها لا يزال يملأ المكان. تركت فينا حبًّا لا يفنى، وأثرًا لا يُمحى، وسيرةً طيبةً تظلّ منارةً لمن يحمل في قلبه حبّ الخير.
اللهم اجزِها خير الجزاء على ما قدّمت، واجعل عملها في ميزان حسناتها، وأنِر قبرها كما أنارت حياة الكثيرين بحبها وحنانها.
سلامًا لروحٍ طيبةٍ غادرت الدنيا، لكنها تركت أثرًا خالدًا في كل قلبٍ لمسته، وذكرى لا تزول ما دامت الحياة.
رحمكِ الله يا دكتورتنا الغالية هنادي، وجعل مقامكِ في عليّين.
0 التعليقات:
أضف تعليقك