الخميس 18/سبتمبر/2025

بالتربية الواعية تُبنى الأوطان

بالتربية الواعية تُبنى الأوطان

بين الناس
أكرم الحلاوي

كلما وُلد طفل، يبدأ فصل جديد في رواية الأسرة والمجتمع؛ فهو ليس مجرد مولود يملأ البيت حركةً وصوتًا، بل رسالة ومسؤولية تتعلق بمستقبل وطن بأكمله. كيف يربيه والداه ليكون امتدادًا لقيمهم وعكسًا لهوية مجتمعهم، وأملًا يضيء درب الغد؟ التربية ليست مجرد إطعام أو كسوة، بل هي مشروع حضاري متكامل: بناء عقول، تهذيب نفوس، وصياغة وعي يحدد ملامح الأجيال القادمة. فالطفل يولد صفحة بيضاء، والأسرة هي القلم الأول الذي يرسم خطوطها؛ إن أحسنوا الغرس أثمر جيلًا صالحًا ينهض بالأمة، وإن أهملوا أو قصروا، انعكس الخلل على المجتمع بأسره.
الدين أساس التربية
جعل الإسلام التربية واجبًا مقدسًا، قال ﷺ: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته". فالتربية الحقيقية لا تقوم على إغراق الأبناء في تلبية طلباتهم أو إشباع رغباتهم، بل على ميزان دقيق يوازن بين احتياجات الجسد ومتطلبات الروح، بين ما يسعدهم لحظيًا وما يبنيهم على المدى البعيد. إنها غرس للإيمان، وترسيخ للأخلاق، وضبط للسلوك. فالأسرة هي المدرسة الأولى التي يتشرب فيها الطفل قيم الرحمة والعدل، وأي خلل فيها ينعكس بوضوح على شخصيته وسلوكه في المجتمع.
القانون سند للأسرة
ومثلما حمَّل الدين الوالدين أمانة التربية، جاءت القوانين الحديثة لتكون سندًا لا بديلاً؛ فهي تكفل حق الطفل في الرعاية الجسدية والتعليمية والنفسية، وتمنع صور العنف والإهمال، لكنها لا تحل محل الوالدين. فالقانون يحمي ولا يربي، ويكمل دور الأسرة ولا ينتقص منه، ومن الخطأ أن تتحول حماية الطفل إلى ذريعة لتدخلات خارجية تُربك علاقة الأبناء بأسرهم.
نصيحة للأسرة
التربية ليست دلالًا مفرطًا ولا قسوةً زائدة، بل وعي متوازن يقوم على الحزم والرحمة معًا. فعلى الوالدين أن يكونا قدوة في القول والعمل، وأن يمنحا أبناءهما فرصة للحوار والتعبير، وأن يستمعا إليهم بصدق، فالكلمة الطيبة والموقف العادل والقدوة الصالحة هي مفاتيح التربية السليمة.
ختامًا
التربية ليست مهمة عابرة، بل هي أمانة أمام الله ورسالة تجاه المجتمع، ومسؤولية تُرسم بها ملامح الغد. ومن يدرك قيمتها حق الإدراك يضع الأساس لجيل صالح يتشبّع بالقيم ويرسم المستقبل. فبالتربية الواعية تُنشأ الأجيال الصالحة، وبالأجيال الصالحة تُبنى الأوطان.

0 التعليقات:

أضف تعليقك

آخر الأخبار