الجمعة 21/نوفمبر/2025

الوطن حبٌّ وعشقٌ لا ينتهي!!

الوطن حبٌّ وعشقٌ لا ينتهي!!

 

 

دعوني أستهل حديثي ببيت من قصيدة عاطفية للشاعر القامة عز الدين هلالي «طبع الزمن»، التي شدى بها المطرب الكبير صلاح ابن البادية رحمه الله، حيث يقول:

في وطنّا بنشيل الصبر كل العمر... بنشيلو ريد، بنشيلو عز.

إن الشوق للوطن لا يُقاس بالمسافات ولا بالأيام التي تمضي، بل بالنبض الذي يزداد كلما تذكّرنا تفاصيله. هو حنين لرائحة شاي الصباح على عادة أهلنا الغُبُش في الريف الحبيب، أولئك الذين «في الفجرية طالع بيزرع في المزارع»، وحنين لصوت المؤذن يملأ الحلة والحي طمأنينة، ولخطواتنا على طرق وأزقة تعرفنا كما نعرف ملامحها.

في الغربة ندرك أن الوطن ليس جغرافيا تُرسم على خريطة، بل هو قلب نابض يحتضنك مهما ابتعدت. تشتاق لأحاديث الأهل التي تنتهي بالضحك والمزاح العفوي، ولأصدقاء الطفولة الذين لا يغيّرهم الزمن، وللسماء التي تعرف لونها ونجومها عن ظهر قلب.
كل مدينة أو قرية تمنحك شيئًا، لكن الوطن يمنحك نفسك. وفي كل سفر، تظلّ طريق العودة أجمل وجهة على الإطلاق.

نعم أحبتي… عشق الوطن ليس شعورًا عابرًا أو كلمات تُقال، بل هو ارتباط عميق ينبت من القلب ويتجذّر في الروح.
الوطن هو الأرض التي نحملها في ذاكرتنا: رائحة ترابها، أصوات أنعامها العائدة مغربية من السرحة والرعية لتفرغ حمولة الخير، وضجيج أسواقها، ودفء شمسها.
هو المكان الذي يحتضن ذكرياتنا وأحلامنا وتاريخنا.

عشق الوطن هو تلك النار التي تشتعل في صدورنا، تدفعنا للدفاع عنه والعمل لأجله، والتضحية في سبيله بالغالي والنفيس.

الوطن ليس مجرد حدود جغرافية، بل هو الهوية التي نتمسّك بها، والانتماء الذي يمنحنا القوة. في كل ذرة تراب قصة تضحية، وفي كل نسمة هواء همسة من أجدادنا الذين بنوا هذا الوطن بعرقهم ودمائهم، ووصّونا على ترابه الغالي الذي “ما ليه تمن”.

عشق الوطن يتجلّى في لحظات الأزمات، حين يتكاتف أبناؤه لمواجهة التحديات، سواء كانت حروبًا مفتعلة وعدائية، أو كوارث طبيعية، أو أزمات اقتصادية.
يظهر في عيون الشباب الذين يسعون لتحقيق أحلامهم على أرض الوطن، وفي جهود المعلمين والأطباء والجنود الذين يعملون بلا كلل من أجل رفعته.

الوطن شعور يدفع الفرد ليترك بصمة إيجابية؛ ليزرع شجرة، أو يكتب قصيدة، أو يبني جسرًا يصل الماضي بالمستقبل.
لكن عشق الوطن ليس دائمًا رومانسية حالمة، بل التزام يحتاج إلى الصبر والعمل الجاد.

يجب أن نواجه الصعوبات والتحديات دفاعًا عن سوداننا الحبيب، فهو يستحق أن نمنحه أفضل ما نملك. كما أعطانا الوطن الحياة والهوية، فعلى كلٍّ منا أن يرد الجميل بحبه وإخلاصه.

وكل شيء سيزول بإذن الله بصبرنا وأملنا في عودة وطنٍ يشعّ نورًا لا ينطفئ، وإحساس يتجدد مع كل شروق، ومع كل خطوة نخطوها على أرضه.
فحب الوطن لا يحتاج إلى تفسير… لأنه ببساطة جزءٌ منا، ونحن جزءٌ منه.

نتضرع إلى الله سبحانه وتعالى أن يرفع عن بلادنا هذا البلاء، ويصرف عنها كيد الأعداء وظلم الظالمين، وأن يعم الأمن والأمان ربوع السودان، أعز مكان وطني، وأن يهدي الجميع لحمايته والحفاظ عليه، والعمل على نهضته ورفعته، ليظل مصدر فخر لنا وللأجيال القادمة.

 

 

0 التعليقات:

أضف تعليقك

آخر الأخبار