الجمعة 21/نوفمبر/2025

الهلال في طريق "العقبة..

الهلال في طريق "العقبة..

 

 

عادةٌ وتقليدٌ "سوداني" صرف، لا ينافسنا فيه أحد في المجال الرياضي، وهو تقليد الإدارة الشفاهية التي لا تقوم على العناصر الأساسية لعلم الإدارة القائم على التخطيط والتنظيم والرقابة والتقييم.
وما نحن عليه اليوم هو نتيجة طبيعية لهذا النوع من مدارس الإدارة؛ إذ نُعاود الفشل كل عام من ذات النقطة التي ظللنا نعود منها في السباق مع الآخرين.

في سبتمبر الماضي من هذا العام، عقد مجلس إدارة النادي الأهلي المصري برئاسة محمود الخطيب اجتماعًا ضم الجهاز الفني للفريق مع لجنة التخطيط بالنادي.
ولا نريد هنا أن نغرق ذهن القارئ بتفاصيل هذا الاجتماع، لأن البداهة وحدها كفيلة بإدراك الفارق بيننا وبين الآخرين في مثل هذه اللقاءات التي تُنتج قرارات تصنع الفارق.

الارتباك الذي حدث للهلال بسبب اعتراض أحد أندية رواندا على جدولة مباراته، يقودنا إلى قراءة الأسباب التي أدخلتنا في هذا "الزقاق" الضيق، إن لم نقل إنها تسببت في نسف فكرة الاستفادة من المشاركة في الدوري الرواندي من أساسها، لأننا ببساطة نتعامل مع مفهوم الإدارة بسطحية وجهل كبيرين.

الهلال يُدار منذ زمن بعيد بمنهجٍ بعيدٍ كل البعد عن علم التخطيط، وهذه المرة صادف اتحادًا روانديًا يُدار بذات الطريقة السودانية الشفاهية:

"رئيس الاتحاد يلتقي بأمين عام نادي الهلال ويتفقان على مشاركة الهلال في الدوري الرواندي!"

وهذا سلوك، بأي حال من الأحوال، لن تجد له مثيلًا في الاتحاد المصري أو الجنوب أفريقي أو أي من الدول التي تسيطر منذ عقود على بطولات الأندية والمنتخبات.

الخطاب الذي صدر لاحقًا باسم المدير التنفيذي للاتحاد الرواندي لإخطار الأندية بمشاركة الهلال والمريخ هو دليل قاطع على غياب الأسس الإدارية المحترفة.
وبضياع فرصة أداء مباراتين للهلال في الدوري الرواندي قبل مرحلة المجموعات، ستصبح المشاركة في هذا الدوري ـ ونحن مسبوقون بسبع جولات أو أكثر ـ عبئًا ثقيلًا وقد تؤثر سلبًا على الفريق.

هذا "المولد الإداري"، بالتأكيد، لن يفوت على الاتحاد العام لكرة القدم السوداني، ولك عزيزي القارئ أن تقف بين لافتتي تصريحات رئيس لجنة المنتخبات أسامة عطا المنان وتلك الصادرة عن رئيس لجنة المسابقات محمد حلفا، لتكتشف أننا نعيش أزمة حقيقية في الإدارة وسوء التخطيط، وأن الرغائب والأهواء هي التي تحدد القرار الإداري لا التخطيط السليم.

رئيس لجنة المنتخبات وعد بمخاطبة الكاف للتنسيق، أما رئيس لجنة المسابقات فاختار هو ولجنته النوم في "ظل الضحى"، وعلى مهلهم أعلنوا قيام الدوري المحلي في يناير، هكذا، دون دراسة ارتباطات المنتخب والتزامات الأندية خارجيًا.
وخبط العشواء هذا هو الحاكم، وهو الذي يحدد مصير كرة القدم في السودان.

وبسوء هذا التخطيط، فإن الهلال – وللأسف الشديد – سيكون الأقل إعدادًا بين الأندية التي ستنافس على بطاقات الصعود من المجموعات.
في المقابل، كانت لجنة التخطيط في النادي الأهلي المصري، التي أشرنا إلى اجتماعها أعلاه، تخطط لدخول مرحلة المجموعات بمباريات في الدوري، إضافة إلى مباريات السوبر المصري، ومن قبلها المشاركة في كأس العالم للأندية.
وذلك ما يُعد إعدادًا فنيًا مثاليًا للفريق، وهذه هي "التفاصيل" التي تصنع الفارق بين الإدارة بالتخطيط وإدارة "رزق اليوم باليوم".

الوضع الذي يعيشه الهلال الآن كارثي بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وإدارته تقاتل في عدة جبهات:

  • جبهة فتحتها لجنة المسابقات بإصرارها على إجبار الهلال على المشاركة في الدوري المحلي في يناير.
  • وأخرى فتحتها لجنة المنتخبات بتفكيرها المتأخر في التنسيق بين الجهازين الفنيين للهلال والمنتخب.

والعاجز عن هذا التنسيق، بالضرورة، لا يملك القدرة على التنسيق مع الاتحادات الأخرى التي طلبت لاعبيها للمنتخبات للاستفادة من أيام الفيفا والمباريات الودية الدولية، وهذه جبهة أخرى يدفع الهلال ثمنها.

وبناءً على ما سبق، فإن المدرب ريجيكامب سيكتشف أن "الجلابية" السودانية التي ارتداها في لحظة التوقيع هي آخر شيء جميل عرفه عن السودان!
إذ سيقود الهلال عبر طريق "العقبة" الصعب المليء بالمطبات، وبسوء التخطيط والتنسيق، وسيجد نفسه في كل محطة مضطرًا لقبول حلول "كسر الرقبة" الإدارية، في وقتٍ تمضي فيه أندية أخرى في طريقٍ "مسفلت" بالتخطيط والتنسيق مع اتحاداتها الوطنية.

 

0 التعليقات:

أضف تعليقك

آخر الأخبار