بهدوء
علم الدين هاشم
لأول مرة منذ سنوات، يبدو أن المريخ بدأ يتعلم من دروس الماضي. لم نعد أمام تلك المشاهد المعتادة لمعسكرات الإعداد المليئة بالفوضى والعشوائية، حيث الارتجال في القرارات، والتعاقدات العشوائية، والمباريات الودية التي لا تضيف شيئًا سوى مزيد من الإصابات والإرهاق. اليوم، الصورة مختلفة تمامًا، والفضل يعود إلى النهج الجديد الذي اختاره مجلس التسيير والمدرب الصربي داركوفيتش.
أدار القطاع الرياضي بالمريخ ملف الإحلال والإبدال باحترافية غير مسبوقة، بعيدًا عن ضجيج الإعلام وثرثرة القروبات، وأتم صفقاته المحلية والأجنبية في صمت تام، مانحًا العمل الجماعي فرصة ليظهر أثره. هذا الأسلوب الجديد أنهى فوضى السنوات الماضية حين كانت الصفقات تُدار من خارج الغرف المغلقة وتُعلن قبل أن تكتمل المفاوضات، في مشهد كان يربك النادي ويضعه في مواقف محرجة أمام جماهيره.
لكن النقطة الفارقة في هذا المعسكر كانت التصرف الذكي للمدرب الصربي. فبمجرد التحاقه بمعسكر رواندا، قرر تأجيل المباراة الودية أمام رايون سبورت، إدراكًا منه أن الفريق لم يكتمل بعد، وأن اللاعبين الجدد بحاجة إلى الوقت للانسجام والجاهزية. قرار بسيط في ظاهره، لكنه أنقذ المريخ من تكرار أخطاء قاتلة ظل يدفع ثمنها كل موسم، حين كان يزج بلاعبيه في مباريات ودية مبكرة بلا أي إعداد بدني أو فني مناسب، ليعود الفريق مثقلاً بالإصابات وضعف الجاهزية.
بدا داركوفيتش منذ اللحظة الأولى مدربًا يعرف ما يريد ويخطط بخطوات محسوبة، بينما ظل المريخ في مواسم سابقة ضحية الاستعجال والتجريب العشوائي. الفارق بين الماضي والحاضر كبير؛ فالمريخ اليوم يعمل بصمت، ويمنح مدربه كامل الصلاحيات، ويضع أولويات واضحة للإعداد، وهي العقلية التي طال انتظارها.
الطريق لا يزال طويلًا، لكن المؤشرات تؤكد أن المريخ بدأ أخيرًا يسير على سكة الاحتراف الحقيقية. وإذا التزم الجميع بهذا النهج، فإن الفريق لن يكون مجرد مشارك في المنافسات القارية، بل مرشحًا قويًا للمنافسة على البطولات بإذن الله
0 التعليقات:
أضف تعليقك