والذي تعودنا عليه في الهلال في العقود المنصرمة، أنه في السنة الأخيرة لدورة المجلس الذي يُدير الهلال، تظهر "أعراض جانبية" لحمى الضنك الانتخابي، وهي عبارة عن لافتات لتنظيمات بقماش سيئ التطريز ومكتوبة بخطوط ولغة ركيكة، يتقدمها "أقزام" محاطون بمقاولي العضوية "البوكو" و"الكمسنجية"، يطلقون أصواتهم في الموقف الانتخابي: "علينا جاي.. علينا جاي"، وهو المنظر الذي ظل دومًا يحوّل حُلو الديمقراطية إلى علقم يشبه الذبح "الكيري".
وصول السيد هشام السوباط لرئاسة الهلال في الانتخابات الأخيرة بالتزكية أعتقد أنها حالة تستحق الوقوف عندها وتحليلها للوقوف على مستجدات المشهد الانتخابي في الهلال، الذي انتقل من مربع المنافسة المحتدمة على كرسي الرئاسة إلى مربع الفوز بالتزكية، والتي أعتقد أنها كانت طريق "السُترة" الذي جنبنا "فضيحة" أن يفوز مرشحون آخرون كانوا قد أبدوا نواياهم بالترشح، مستفيدين فقط من ضعف شروط الترشح لمنصب الرئيس في النظام الأساسي.
نذكر هذا لأن مقياس "ريختر" الانتخابي في الهلال كان قد رصد في اليومين السابقين نشاطًا زلزاليًا خفيفًا في تصريحات نائب الرئيس محمد إبراهيم العليقي، وهو يُقرّظ في نجاحات العضوية الإلكترونية أو عضوية "الانتساب"، كما تسميها مواد النظام الأساسي، وترسم لها حدودًا قانونية لا تسمح لها بأن تكون ذات وزن أو تأثير في الجمعية العمومية.
لم يقف السيد العليقي عند حدود الإشادة بنجاحات العضوية الإلكترونية باعتبارها رافدًا ماليًا جديدًا لخزانة النادي، فاستخدم الوعد بإنشاء ملعب جديد للهلال وأكاديمية من عوائد هذا المشروع بعد أن تصل هذه العضوية إلى المليون، كرافعة انتخابية لا يخطئها التحليل البسيط للتصريح المتداول.
هذا وقبل أن يتململ "حيران" ومريدو صاحب التصريح، فإننا نؤكد على ما هو متفق عليه، ثم نمضي لما نحن مختلفون حوله، ونقول إن "الطموح" مشروع للعليقي، والذي قدمه في فترة هذا المجلس لا يخطئه إلا عين المكابر، وإذا ما قارنا الأداء بكثيرين شغلوا هذا المنصب، سنجد أن الرجل حاليًا بلا منافس. وإلى هذا الحد، ننتهي من النصف المملوء من الكوب في تصريحات العليقي. أما بعد...
فإن الحديث عن "مليونية" العضوية الإلكترونية فيه "تطفيف" فيه كراهة في فقه الانتخابات، فعلى الرغم من وصول أرقام العضوية الإلكترونية إلى مستوى لا يمكن مقارنته بالعضوية العاملة في زمن وجيز، إلا أن الوصول إلى المليون "خيالي"، وإنما تم استخدامه فقط لتبرير ما جاء بعد ذلك في التصريح عن إنشاء ملعب جديد للهلال وأكاديمية من عوائد هذه العضوية، وكل ما ذُكر لا يتعدى بيع الأحلام الانتخابية.
علينا ألا نقتل واقعنا الواعد بالأحلام، ولم يكن ليضير العليقي لو أنه أشار إلى العضوية الإلكترونية بأنها أول قياس للانتماء الحقيقي للهلال، إذا ما قارناها بعضوية "المستجلبين" التي تُساق إلى الصناديق بحبال "المسغبة"، فهؤلاء دفعوا من "حُر" مالهم وإرادتهم، راغبين في أن يكونوا قريبين من ناديهم عبر منصاته الرسمية.
كشاب متعلم ومنفتح على تجارب حديثة، لا أعتقد أنه يليق به أن يقدم نفسه بذات الطريقة التقليدية في انتخابات الهلال، وكأنه يخاطب جمهور ما قبل الانفتاح التكنولوجي.
محمود الخطيب، رئيس النادي الأهلي المصري الحالي، كان قد ترشح لهذا المنصب في دورته الأولى من مقعد "نائب الرئيس"، وبلغة واقعية جدًا تحدث في برنامجه الانتخابي عن "مشروع القرن"، وهو ملعب الأهلي في مدينة الشيخ زايد، وكان قد أوفد اثنين من قائمته لدراسة الأمر مع كبريات الشركات العاملة في المجال، وما كان في يوم من الأيام على الورق، هو الآن واقع أهل محمود الخطيب للفوز بولاية ثانية عن طريق التزكية.
سوق الانتخابات الهلالية "كاشف" بلغة السوق، وليس هناك داعٍ للتصريحات الانتخابية المتعجلة التي لا تخاطب الجمهور الهلالي بلغة الواقع. فنحن في الهلال محتاجون إلى إعادة هندسة الخطاب الانتخابي بما يتناسب والوعي المطلوب لعضوية الجمعية العمومية، وهذا طبعًا إن كان الهدف مصلحة الهلال.
0 التعليقات:
أضف تعليقك