الجمعة 21/نوفمبر/2025

التضليل والنشر الصحفي "الضار" ..

التضليل والنشر الصحفي "الضار" ..

 

والرصد والمتابعة للأحداث الرياضية في الأسبوع المنصرم، والتي شملت أحداثًا مختلفة منها ودية المنتخب الوطني أمام عُمان، ومشاركة منتخب الناشئين في تصفيات سيكافا المؤهلة لأمم إفريقيا وخسارته الكبيرة بسداسية أمام تنزانيا، وأخبار بعثتنا الرياضية في دورة التضامن الإسلامي في الرياض، وأخيرًا ودية الهلال أمام المنتخب الرواندي، وضعتني أمام تركيز "تضليلي" من بعض أقلام الصحافة "الصفراء" على اللقاء الودي الذي جمع الهلال بالمنتخب الرواندي.
و"التضليل" الذي نقصده هنا ليس فقط على مستوى ما كُتب من معلومات مضللة للقارئ عن المنتخب الرواندي، وأن الهلال قد تبارى مع لاعبين لا يمثلون المنتخب الرواندي، ولكن التضليل عندي ـ والذي يصل لمستوى "النشر الضار" ـ هو السؤال الموضوعي الذي يفرض نفسه عند الوقوف في مثل هذه "العينة" من الكتابة الصحفية: ما الذي سيعود على القارئ أو المشجع المريخي جراء إغراق عقله بهذا النوع من الكتابات؟ وما هي المصلحة المريخية في أن تبقى شريحة المشجعين أسيرة لهذه المدرسة "المبتذلة"؟
وأنا متأكد من أن الإجابات على هذه الأسئلة ستكون أكثر تضليلًا وابتذالًا مما قرأناه في التغطية الإعلامية "الكورالية" للقاء ودي لا ينفع المريخ ولا يضره، سواء كان أمام منتخب رواندا أو حتى منتخب مدينة بربر.

وهنا الحديث، وحتى يتم وضعه في إطاره الصحيح، ليس دفاعًا عن الهلال أو اصطفافًا إلى جانب "المكاواة" والكيد الصحفي؛ فذلك كله عندي في حساب التضليل والنشر الضار، سواء جاءت به الصحافة الهلالية أو المريخية.

الشك الذي يصل إلى درجة اليقين أن هذا النوع من "النشر الضار" مقصود ومتعمد لتظل جماهير كرة القدم "حبيسة" لهذا التسطيح الصحفي، وتظل الصحافة الرياضية "موصومة" بنشر الجهل. ومتى أرادت أي جهة أن تصف "صراع الديكة" والخواء في كل شيء رمَتْه على الرياضة والرياضيين، هكذا بتعالٍ وأنفة، مما يؤكد أن تعميم هذا الجهل سببه الفهم السطحي لدى البعض لدور الصحافة الرياضية في معركة الوعي الضرورية للارتقاء برياضتنا السودانية ومؤسساتها.

في الصحافة الزرقاء التي غطت ذات الحدث، نعتقد بأن إقامة المباراة بعيدًا عن عيون الإعلام والجماهير "خبر"، والقاعدة الصحفية تعطيه قدسيته. ولكن "النشر الضار" يأتي هنا أيضًا في التماشي مع تبرير الإغلاق وتسويق فكرة أن الإغلاق لهذه التجربة يجعل "عبقريات" ريجيكامب بعيدة عن عيون الخصوم.
لأن هذه أفكار "منتهية الصلاحية" وضارة بالصحة العامة للقارئ، وفيها عدم احترام لعقلية القارئ والمشجع، حالها حال أي فكرة أو قرار يصدر دون أي تخطيط.

ولأنه ـ وببساطة ـ لا إدارة الهلال وقطاعه الرياضي ولا ريجيكامب كان ضمن خططهم إبقاء الهلال وتحضيراته الفنية بعيدًا عن الخصوم، بدليل اجتهاد الهلال ومصارعته لمعاكسات الاتحاد العام من أجل المشاركة في الدوري الرواندي، باعتبار أن مباريات الهلال فيه هي "الأصل" في إعداد الفريق، ومباراة المنتخب الرواندي مجرد "معالجة" للاختلال الذي حدث في الإعداد.
وبالتالي، لو قُدّر للهلال اللعب في الدوري لكان سيكون متاحًا لعيون الخصوم في سبع مباريات كاملة.

الصحافة أداة "وعي"، ولا يليق بها مثل هذا التضليل، وكأننا نريد أن نجبر القارئ على أن يصدق بأن "محلل الأداء" السابق في الأهلي المصري ومولودية الجزائر حاليًا، سعيد النحاس، سيبني معلوماته عن الهلال فقط وفقًا لمشاهدته لمباراة المنتخب الرواندي، وأنه لا يملك المحتوى الذي يقدّم به المعلومات لجهازه الفني لمجرد إغلاق لقاء الرواندي؟

رجاءً… لا تنشروا الجهل "الضار"، وعلى الأقل اسألوا محلل الأداء مع ريجيكامب عن معلوماته عن المولودية نفسه، وصن داونز، وسانت لوبوبو الكونغولي، وبقية الأندية المحتمل أن يقابلها الهلال حال تخطيه لهذه المرحلة.
فإن كانت إجابته أن معلوماته في حدود مشاهدة مباراة واحدة يمكن إغلاقها، فعلى القطاع الرياضي أن يعيده إلى بلاده في أول طائرة، ونوفّر على خزينة الهلال الدولار.

لنجعل من الصحافة الرياضية واحدة من أدوات تطور كرة القدم في السودان، وألا نجرّها إلى مزالق تشبه إداراتنا التي لا تريد أن تلاحق التطور بالتخطيط.
وأن نكتب ونحن نبدي قدرًا من الاحترام لعقلية القارئ، الذي لم يعد مجرد "ماعون" يتلقى هذا التضليل والنشر الضار، فهو الآن محصّن ضد "شلل" و"دفتريا" و"تيتانوس" الكتابة المضللة والضارة في كل مكان.

0 التعليقات:

أضف تعليقك

آخر الأخبار