الجمعة 21/نوفمبر/2025
الإبرة

 

 

يُحكى أن خياطاً حكيماً أراد ذات يوم أن يُعلّم حفيده الصغير درساً في الحياة بطريقته الخاصة.
كان هذا الخياط يعمل يومياً في ورشته الصغيرة، وكان حفيده يرافقه دائماً لأنه يُحبه ويستمتع بمشاهدته وهو يصمم أجمل الملابس بإبرته الصغيرة ومقصّه الثمين.

وبينما كان الخياط يصنع ثوباً جديداً، أخذ المقص وبدأ يقص قطعة كبيرة من القماش إلى قطعٍ أصغر حتى يبدأ بخياطتها من جديد ليصنع منها ثوباً جميلاً. وما إن انتهى من القص حتى ألقى المقص الثمين على الأرض عند قدميه.

كان الحفيد يراقب المشهد بتعجب شديد، ثم رأى جده يأخذ الإبرة ويبدأ في جمع تلك القطع الصغيرة ليخيطها معاً حتى اكتمل الثوب. وعندما أنهى عمله، غرس الإبرة في عمامته بعناية.
عندها لم يستطع الحفيد كتم فضوله وسأل جده:
ــ يا جدي، لماذا رميتَ مقصك الثمين على الأرض بينما وضعتَ الإبرة الرخيصة في عمامتك؟

ابتسم الجد وقال:
ــ يا بني، هذا المقص هو الذي قصّ القماش وفرّقه إلى قطع صغيرة، أما هذه الإبرة فهي التي جمعته وصنعت منه ثوباً جميلاً.

الحكمة من القصة:
كن من الذين يجمعون الشمل، ولا تكن أبداً من الذين يفرّقون الناس أشتاتاً. لا يهم أن تكون الأجمل أو الأروع دائماً، ولكن إن جاءك المهموم فاستمع إليه، وإن جاءك المعتذر فسامحه، وإن ناداك صديق لحاجة فأنفعه.
تعلّم العطاء يا بني حتى في أشد ظروفك، وتعلّم كيف تُهدي النور والسعادة لمن حولك وإن كانت خفاياك متعبة، فثواب العطاء يخبئ لك فرجاً من حيث لا تحتسب.

نقول ذلك لأن كثيرين يرمون باللوم على الدنيا ويتهمون الزمن بأنه تغيّر.
والحقيقة أن الدنيا هي الدنيا والزمن هو الزمن، لم تتبدّل عقارب ساعته، ولكن الذي تغيّر هو نفوس بعض البشر.
صار الحقد والحسد شعاراً للبعض، والنميمة ونقل الكلام عادةً عند آخرين، حتى إن بعضهم لا يهدأ له بال حتى يُوقع بين الأحباب ويفسد العلاقات.

كم انهارت جسور من المحبة، وكم تفرقت أسر وشراكات ناجحة بسبب الفتنة والقيل والقال.
فكونوا – أحبتيكالإبرة التي تجمع وتُصلح، ولا تكونوا كمقصٍّ يقطع ويفرّق.

 

 

0 التعليقات:

أضف تعليقك

آخر الأخبار