لم يكن المدرب الغاني كواسي أبياه مجرد اسم جديد في سجل مدربي المنتخب السوداني، بل حمل معه رؤية واضحة ومشروعاً فنياً متكاملاً يهدف إلى بناء منتخب قادر على المنافسة قارياً والعبور إلى نهائيات كأس العالم.
منذ أن وطأت قدماه الخرطوم، أظهر أبياه التزاماً صارماً بالعمل المهني، واضعاً أسساً للتطوير تقوم على الانضباط التكتيكي، الاعتماد على المواهب الشابة، وإعادة الثقة لنجوم الصف الأول.
لكن ما بين الطموحات الكبيرة والواقع المعقد، تسللت "الأيادي العابثة" لتجهض المشروع في مهده. تدخلات متكررة في اختيارات وإبعاد اللاعبين، ضغوط إدارية غير مبررة، وغياب بيئة عمل مستقرة جعلت من مهمة المدرب الغاني معركة يومية ضد عوامل خارج الملعب أكثر من كونها مواجهة مع الخصوم داخله.
وزادت الأزمة التي اختلقها الاتحاد العام مع أبياه بعدم صرف راتبه قبل مواجهة السنغال في الجولة الخامسة من التصفيات الطين بلة، حيث أفقدته تلك الخطوة الشغف والتركيز معاً، فاستسلم للتدخلات العبثية التي حاصرته من كل جانب.
منذ ذلك الحين، تغيّر حال المنتخب وظل يلعب بلا روح أو هوية، لتتلاشى ملامحه الإيجابية التي ظهر بها في الجولات الأولى من مشوار التصفيات الإفريقية المؤهلة للمونديال وجعلته متصدرا.
وكانت المواجهة الأخيرة أمام توغو وخسارة النقاط كاملة، خير شاهد على الانهيار، إذ قدّم صقور الجديان واحدة من أسوأ مبارياتهم على الإطلاق، أداء عشوائي، أخطاء كربونية متكررة في جميع الخطوط، غياب كامل للروح والرغبة في الفوز.
وبينما كان المشهد يتطلب تدخل المدرب، اكتفى أبياه بالجلوس في مقعده متفرجاً وكأن الأمر لا يعنيه، لتتجلى بوضوح آثار الإحباط والاستسلام أمام عبث الإدارة والتدخلات.
اليوم، يقف الشارع الرياضي السوداني أمام واقع محبط، مشروع فني واعد تبخر بسبب غياب الرؤية الإدارية وترك الحبل للأيادي العابثة تعبث بالمستقبل.
والسؤال الذي يفرض نفس، متى ندرك أن نجاح أي منتخب لا يقوم فقط على مدرب كفء، بل على منظومة تحميه من التدخلات وتوفر له المناخ الملائم ليصنع الإنجاز؟
0 التعليقات:
أضف تعليقك