الزبير نايل
<><><><><><><><><
خطرت ببالي فكرة توقفت عندها.. ماذا لو لم نتابع تفاصيل هذا العالم وتعقيداته وأعاصير أخباره؟ كيف كانت ستبدو الحياة لو كان الواحد منا خالي الذهن من هذا الصخب..
لم يطل تأملي حتى قفز إلى ذهني “الصافي ود آمنة” في قريتنا، ذاك الشاب الذي يجسد هذه الفكرة.. ود آمنة.. دائم الابتسام وخفيف الروح كأن الدنيا عجزت أن تثقل كاهله بتشابك أحداثها.. تتساوى عنده فيضانات باكستان التي أودت بحياة خمسمئة إنسان مع خبر تجدد القتال وارتفاع الأسعار في البلاد.. يسمع كل تلك الأخبار بتعابير وجه واحدة ثم يواصل حديثه بهدوء عن سحر تلك الفتاة التي رآها صباحاً وهي تزور صديقتها في طرف القرية… الدنيا في عينيه شروق وغروب وحكايات يوم مضى وقدوم يوم جديد.
تساءلت.. ألسنا نحن من نُرهق أنفسنا بمتابعة كل صغيرة وكبيرة.. نغفو على عناوين الموت والكوارث ونصحو على تحليلات السياسة والحروب وغلاء المعيشة وتفاصيل الحاضر ورهانات المستقبل حتى نشعر بضغط مرهق على أعصابنا..
ليس كل جهل مذموماً كما يقال، فبعضه يشبه غفلة تحمي القلب وتبقي فيه قدراً من البراءة والصفاء.. هذه ليست دعوة للانفصال عن الواقع المضطرب وإنما اعتقاد بأن قليلاً من التجاهل قد يكون مطلوباً، وأن إغلاق النوافذ أمام ضجيج العالم أحياناً قد يمنحنا راحة داخلية.
ربما كان صائباً من قال: "كثرة الوعي تُثقل الروح"، وهو ذات ما توصل إليه الشاعر أبو الطيب المتنبي يوماً حين قال:
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
فهل يمكننا أن نجرب ولو مؤقتاً أن نكون مثل الصافي ود آمنة في جهله البريء، عسى أن نجد في بعض التغافل ما يمنحنا ضحكة نابعة من القلب تحررنا من ثقل الهموم؟
0 التعليقات:
أضف تعليقك