تناقض الضد…
مشهد جدلية الرؤية
أسئلة كثيرة تدور في عقولنا ولا نجد لها إجابة، رغم أن حقيقة الردود كامنة في دواخلنا، وقد تكون مزعجة ومظلمة أحيانًا. فالتقادم الزمني للأحداث، وما تمنحه الأيام من تروٍّ وحكمة، يجعلنا أكثر فهمًا وعمقًا للحياة وتداعياتها، ويدفعنا لإدراك معنى التضاد. لكن عندما نصل إلى درجة الوعي والاستنارة، لا محالة سنفقد الكثير.
من أكبر معضلات التعايش عدم فهم الآخرين لنا كما ينبغي، ورؤيتهم الأحادية من زاوية واحدة وفق مستوى فهمهم، وتقبلهم لنا بحكم تصورات لم تبنَ على معايشة حقيقية، بل على رغباتهم واحتياجاتهم فقط.
هنا تبدأ جدلية الرؤية بيننا، فكلٌ يراك بعين سطحية لا عمق فيها. ولو منحنا النفوس بعض الوقت لتتأمل دواخل الآخرين وتبحث عن الجمال فيها، لأدركنا أن النظر إلى الجانب المملوء من الكوب أجدى بكثير من التحديق في جانبه الفارغ.
هكذا هي الحياة بتضادها وترادفها: أبيض وأسود، لا تقبل الرمادي في أغلب الأحيان. صراع بين الخير والشر، حسن الظن وسوء الظن، الحب والكراهية… حتى أصبح السواد سيد الموقف. يضيع نقاء الأبيض وسط جدلية البغضاء والحسد والحقد، فنتيه بين الكلمات المتعبة، شدّ وجذب، وإرهاق روحي.
لو منحنا العقول سلطتها لَعِشنا سلامًا داخليًا يريح القلب بعد الطواف الطويل في دروب الحياة وتجاربها. فالحياد النفسي عملة نادرة، لا يصل إليها إلا من ساوى بين طرفي معادلة التضاد.
كل المفردات السامية من نور الإنسانية وقبسها. وأدركت أن ما يريح النفس حتى تطمئن هو تلك العبارة:
"أحسنوا الظن… أجبروا الخواطر."
من أساء فهمي ولم يدرك عمق ما أنا عليه… فأنا مسامح.
من اغتابني… مسامح.
من حقد أو ظن السوء… مسامح أيضًا.
فالسماح ليس ضعفًا ولا انكسارًا، بل قوة روحية عظيمة.
يا من رميتمونا بحجارة الكره والبغض من سجيل ألسنتكم… لكم مني طيب الثمر وجميل الشكر. سنمضي يومًا، ولن يبقى منا سوى بضع أثر يتلاشى مع الأيام، ويبقى في ذاكرة من عرفونا بالمحبة والوفاء.
الحياة لا تحتاج لكل هذا الحقد ولا لهذا التضاد المرهق.
الأرواح أحوج ما تكون للاغتسال من دنس السوء في نهر حسن الظن.
أخيرًا…
#أجبروا_الخواطر_وأحسنوا_الظن
مع وافر محبتي وتقديري لكل من قرأ كلماتي بعين البصيرة.
0 التعليقات:
أضف تعليقك