ربطوني في شجرة نيم وجلدوني بسبب الغناء
دفعت الثمن غاليا بعد ظهوري في التلفزيون
زاملت مورينو وقلة الصغير.. وانتُخِبت عضوًا باتحاد الكرة
87 أغنية في الإمارات.. ضاعت بخطأ تقني من قناة فضائية
صديق سرحان شجعني.. وترباس أخذني للإذاعة عنوة
حوار ـ جواهر الشريف
يكشف الفنان صديق متولي، أحد أبرز الأصوات التي خرجت من مدينة ود مدني، في حوار نادر وشامل مع آكشن سبورت عن رحلته الفنية منذ البدايات الصعبة، وقرار مفصلي غيّر حياته عندما اختار الغناء على البقاء في منزل الأسرة. تحدث صديق بكل شفافية عن الصراعات المبكرة، ومحطات النجاح، والتعامل مع كبار الشعراء والفنانين في السودان والعالم العربي، كما فتح قلبه للحديث عن الإحباطات، وضياع أرشيفه الغنائي المسجّل في الإمارات، وأسباب ابتعاده عن اتحاد فناني مدني. حوار مليء بالذكريات، الصراحة، والعِبر.
▪ بدايةً، حدّثنا عن شخصيتك وبداياتك الدراسية؟
أنا صديق متولي، من أبناء مدينة ود مدني. درست كل المراحل الدراسية هناك، وكانت بدايتي الفنية من خلال الجمعيات الأدبية المدرسية، لأن الغناء كان ممنوعًا ومحرمًا داخل البيت.
▪ كيف كانت أولى خطواتك في الغناء؟
كنت محظوظًا لأني درست في مجمّع مدارس بنين وبنات، فكنت أذهب وأغني وألحّن للجميع، لكن كل مرة أعود للبيت ألقى الخبر وصل قبلي، وأتعرض لعقاب شديد من الأسرة.
▪ هل نجحت في إقناع الأسرة بالغناء لاحقًا؟
للأسف لا، لكن أستاذ الكيمياء "صلاح" وعدني بأنه سيقنع الأسرة، وقال لي: "أنت غني بس". كمان الفنان مصطفى عوض "أبو زعبل" أقنع المدرسة بأنني يجب أن أشارك باسم الهلال، ومن هناك بدأت فرصتي الحقيقية.
▪ متى كانت أول مرة تغني على الهواء؟
في عام 1977، غنّيت في يوم المنافسة، ولم أكن أعلم أن التلفزيون سيحضر ويسجل. كنت أعيش مع عمي، وكان رافضًا تمامًا لفكرة الغناء.
▪ ماذا حدث بعد بث التسجيل؟
رجعت البيت، وتاني يوم بالليل، عمي كان قاعد قدام التلفزيون، وشافني أغني. بعد ما خلص التسجيل، جاب السوط، جلدني بشدة، وربطني في شجرة نيم. وقال لي: "يا الغناء، يا البيت". فاخترت الغناء، وتركت البيت، وسكنت لوحدي.
▪ كيف أثّرت هذه التجربة على مسيرتك؟
لم أدخل البيت لثماني سنوات، وبدأت أشتغل في السوق لأصرف على نفسي وعلى مشروعي الفني. في الدورة المدرسية، شاركت باسم الإقليم الأوسط، وجيت الأول على السودان.
▪ من كان أول شاعر تعاملت معه؟
الشاعر كباشي حسونة أعطاني أول أغنية كاختبار، وبعد نجاحها أعطاني أخرى. الشاعرة "الجنة جمعة بخيت" من الحلة أعطتني أغنية سيرة، وامتلكت أربع أغنيات خاصة في بداية الطريق، وهذا كان إنجازًا كبيرًا وقتها.
▪ كنت تلعب كرة أيضًا، أليس كذلك؟
نعم، لعبت في الأحياء، وكنا في روابط صعدت للدرجة الأولى. كابتن محمد الطيب "مورينيو" أصر أن أبقى في الفريق لنقل الخبرة، وكان معي لاعبين مثل مرتضى قلة الصغير، عمر عباس، وآخرين.
▪ كيف انتقلت إلى الخرطوم؟
جئنا إلى الخرطوم سنة 1977، وكانت أول منافسة في مركز شباب أم درمان، أمام لجنة فيها بابا فزاري، عبد القادر سالم، محمدية وغيرهم. قال بابا فزاري: "دا ما طالب.. دا فنان كبير".
▪ هل التحقت بالإذاعة بعد نجاحك؟
للأسف لا. وعدونا بإجازة الصوت، لكن اللجنة تأخرت كثيرًا، وزعل البروف عبد الماجد خليفة وخرج، وقررت وقتها ألا أدخل الإذاعة مرة أخرى.
لكن في صباح يوم من العام 1985، جاءنى فى البيت الفنانون كمال ترباس، محمد أحمد عوض، وصديق كحلاوي. قالوا لي: قوم امشِ معنا. قلت ليهم: نمشي وين؟ قالوا: بس امشِ ساكت. وعرفت بعد داك إننا ماشين الخرطوم.. كمال ترباس أصر إنو لازم أسجل في الإذاعة لكنني رفضت، وصديق سرحان شجعني على فكرة الغناء.
▪ متى بدأت الإنتاج الفني المستقل؟
عام 1979 سافرنا إلى القاهرة وسجلنا شريط كاسيت فيه "في مدني يا إخواني" و"البلبل الصداحة". أحدث ضجة محدودة، لكن عرّف الناس بصديق متولي في الجزيرة.
▪ من أبرز الشعراء الذين تعاملت معهم؟
كباشي حسونة، عوض جبريل، الشيخ محمد عثمان، أبو قطاطي، إسحاق الحلنقي، التجاني حاج موسى، عبد العظيم أكول.
▪ كيف كانت تجربتك في الإمارات؟
سافرت للتوثيق الفني، وسجلت 87 أغنية خاصة بي، بينها 7 دويتوهات مع ديانا حداد، كاظم الساهر، عبدالله بالخير، وأبوبكر سالم. لكن للأسف، الهارديسك الذي كان يحتوي على هذه الأغاني تم مسحه في قناة الخرطوم، وهذا سبب لي إحباطًا كبيرًا.
▪ هل استقريت في ود مدني؟
نعم، مدني هي الموطن والعشق، وفضلت البقاء فيها رغم كل شيء.
▪ كيف علاقتك باتحاد الفنانين؟
كنت عضوًا في اتحاد الكرة بالإقليم الأوسط عام 1985، وعلاقتي طيبة باتحاد الغناء الشعبي، واتحاد المهن الأدبية والفنية بأم درمان، لكن هناك فتور في اتحاد فناني مدني لأسباب تتعلق بالمناخ العام، وليس لدي أي توجه سياسي.
▪ ماذا تقول لجمهورك؟
أقول لهم: أنا ما زلت صديق متولي كما عرفتموني.. وسأواصل بإذن الله، طالما هناك من يحب هذا الغناء الجميل.
0 التعليقات