عدد الزوار: 567,720

تابع آخر أخبار الرياضة من صحيفة أكشن سبورت – تغطية مباشرة وتحليلات مميزة لجميع البطولات المحلية والعالمية.

الانكماش السكاني" كارثة صامتة تهدد مستقبل الأمم

الصورة
في الوقت الذي تحتفل فيه البشرية بوصول عدد سكان العالم إلى 8 مليارات نسمة، تظهر على الخريطة العالمية بقع سوداء تتراجع فيها الأرقام بشكل ينذر بالخطر. هذه ليست مجرد إحصاءات جافة، بل قصص حقيقية عن شعوب تختفي ببطء، واقتصادات تترنح، ومستقبل يغيب عنه الشباب.
تلعب الحروب دورًا واضحًا في تشكيل أرقام وتوزيع السكان. تشير أحدث البيانات إلى أن أوكرانيا فقدت ما يقارب 20% من سكانها منذ بداية الغزو الروسي، وفي فلسطين كارثة لا تتوقف من الهدر البشري، وكذلك في بؤر أخرى تتأجج فيها نيران الحروب. لكن القصة لا تنتهي عند حدود الحرب؛ فخلف كل رقم هناك عائلات تشتّتت، وشباب فقدوا أحلامهم، وقرى بأكملها أصبحت أشباحًا.
في أوروبا، أو "القارة العجوز"، تتشكّل ملامح جديدة بغياب الأعمار الصغيرة، إذ تتصدر الفئات العمرية الكبيرة التوزيع السكاني نتيجة للإحجام الواضح عن الولادة. في مقهى صغير بأثينا، يجلس جورج (62 عامًا) وحيدًا، ويقول: "لم يعد لدينا أطفال في قريتنا، المدرسة أُغلقت منذ سنوات". هذه ليست مجرد حكاية فرد، بل واقع تعيشه اليونان التي فقدت 30% من مواليدها خلال عقد واحد فقط.
أما في سراييفو، فالوضع أكثر قتامة؛ الشوارع شبه خالية من الشباب، حيث اختار أكثر من 40% من السكان الهجرة بحثًا عن حياة أفضل. تقول ميرنا (28 عامًا) وهي تعد حقائبها للرحيل: "كل أصدقائي في ألمانيا أو النمسا".
وفي مشهد دراماتيكي آخر، وقف وزير خارجية توفالو عام 2021 وسط مياه البحر ليوجه رسالة للعالم: "هذا مصيرنا". الجزيرة التي لا يتجاوز عدد سكانها عدد طلاب مدرسة ثانوية في القاهرة، تواجه خطر الاختفاء الكامل بسبب تغيّر المناخ.
في مكان قصيّ من العالم، أصبح السواد الأعظم من السكان من كبار السن. ففي مصنع "تويوتا" بطوكيو، يعمل السيد تاكيشي (72 عامًا) بدوام كامل. يقول بينما يمسح عرقه: "ليس لدي خيار". اليابان، التي تتجاوز نسبة كبار السن فيها 30% من السكان، أصبحت مختبرًا حيًّا لتجربة مجتمعات المستقبل.
وبينما تحتفي الهند بتجاوزها الصين كأكبر دولة من حيث عدد السكان، يحذر الخبراء من "قنبلة ديموغرافية" قد تنفجر في وجهها: كيف ستوفّر وظائف لـ10 ملايين شاب يدخلون سوق العمل سنويًا؟ وكيف ستوازن بين النمو السكاني والموارد المحدودة؟
على الطرف الآخر من الكرة الأرضية، في إفريقيا، يختلف الأمر؛ فبينما تشيخ القارات الأخرى، تزخر إفريقيا بشبابها. لكن هذه النعمة قد تتحول إلى نقمة إذا لم يُستثمر في تعليمهم وتأهيلهم. فنيجيريا وحدها ستضيف إلى سكانها ما يعادل سكان الولايات المتحدة اليوم بحلول نهاية القرن.
هذه التحولات تستوجب التفاتة جادة وتكاتفًا دوليًا لإيجاد حلول. وقد سبقت بعض الدول رصيفاتها في هذا الاتجاه بالفعل، مثل تقديم المنح السخية للشباب ترغيبًا لهم في الزواج، كما تفعل بعض الدول العربية وحتى الأوروبية، أو تيسير هجرة العمالة الماهرة كما في ألمانيا، أو تطوير أنظمة رعاية المسنين في العديد من الدول المهتمة بهذا الجانب.
لكن، يبقى السؤال الأصعب: هل يمكن استعادة التوازن الديموغرافي قبل فوات الأوان؟
الإجابة قد تحدد مصير الحضارة الإنسانية كما نعرفها، وستحسم ما إذا كنا سنشهد انقراضًا سكانيًا بطيئًا، أم نهضة ديموغرافية جديدة.
شارك عبر:
img
الكاتب

نادر الزبير

مدير عام آكشن سبورت

0 التعليقات

أضف تعليق

سيظهر اسمك وتعليقك فقط للجميع