عدد الزوار: 567,720

تابع آخر أخبار الرياضة من صحيفة أكشن سبورت – تغطية مباشرة وتحليلات مميزة لجميع البطولات المحلية والعالمية.

إيمان الشريف وعصام ساتي: صراع الديناصورات

الصورة
منذ أيام، اجتاحت الساحة الفنية السودانية موجة من الجدل، بعد صدور العمل المشترك بين الفنانة إيمان الشريف ومغني الراب الشهير عصام ساتي. الأغنية، التي صُوّرت بطريقة احترافية تحمل لمسات عالمية في الإخراج، خرجت عن المألوف، سواء في اللحن أو الكلمات أو الصورة البصرية، لتثير نقاشًا حادًا بين جمهور المدرسة الكلاسيكية ومحبي التجديد.
اعتبر البعض العمل "تجربة ثرية وجريئة" تحاول مواءمة التراث مع إيقاعات العصر، بينما سارع آخرون إلى اتهام الثنائي بـ"تشويه الأغنية السودانية". ولكن، إذا تأملنا التاريخ الفني، نجد أن هذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها التجديد رفضًا عنيفًا.
عندما كان الكاشف متهمًا بـ"تدمير التراث"
في خمسينيات القرن الماضي، هوجم الفنان الكاشف عندما أدخل الآلات الموسيقية الغربية إلى الغناء السوداني، واتُّهم حينها بأنه "يقتل روح الحقيبة". ثم جاء أحمد المصطفى وأحمد الجابري، وأحدثا ثورة أخرى في المقامات والألحان، وقوبلا بالسخرية قبل أن يصبحا لاحقًا من رواد التجديد.
ترباس والكمان: معركة الأمس تتكرّر اليوم
حتى الفنان الشعبي كمال ترباس، حين استخدم الماندولين والكمان في أغنياته، تعرّض لانتقادات حادة من المحافظين الذين رأوا أن الغناء الشعبي لا يحتمل هذا "الترف الموسيقي". واليوم، نجد النقد ذاته يُعاد إنتاجه ضد إيمان الشريف وعصام ساتي، ولكن بأدوات حديثة: منشورات على فيسبوك وتغريدات حادة على تويتر.
لقاء عالمي بنكهة سودانية
تُعرف إيمان الشريف بسعيها الدائم إلى تقديم الأغنية السودانية في قالب عصري، من دون أن تتخلى عن إحساسها الشرقي والنوبي العميق. أما عصام ساتي، فهو واحد من أبرز الأصوات في مشهد الراب السوداني، استطاع أن يصنع جمهورًا واسعًا بفضل كلماته الجريئة التي تعكس هموم جيل يرى العالم بعيون مختلفة عن أجيال سابقة.
التعاون بينهما ليس مجرد "ديو" عابر، بل محاولة واعية لدمج عالمين: عالم الأغنية التقليدية بعاطفيتها الشفيفة، وعالم الراب بإيقاعاته اللاهثة وموضوعاته العصرية.
التغيير ليس ترفًا بل ضرورة
في عصر الانفتاح الرقمي، لم تعد الأغنية السودانية تنافس على شريط كاسيت في أم درمان فقط، بل على منصات عالمية مثل يوتيوب وسبوتيفاي، حيث يتطلّب البقاء في الواجهة لغة بصرية حديثة وصوتًا يصل إلى الأجيال الجديدة.
النقد البنّاء مطلوب بلا شك، ولكن رفض أي تجربة جديدة لمجرد اختلافها عن ما اعتدنا عليه، هو قتل بطيء لأي إبداع. فالفن كالنهر، لا يتوقّف عن الجريان، ومن يظن أن الحفاظ على التراث يعني تجميده، فهو يسيء إليه أكثر مما يحافظ عليه.
شارك عبر:
img
الكاتب

نادر الزبير

مدير عام آكشن سبورت

0 التعليقات

أضف تعليق

سيظهر اسمك وتعليقك فقط للجميع