عدد الزوار: 567,720

تابع آخر أخبار الرياضة من صحيفة أكشن سبورت – تغطية مباشرة وتحليلات مميزة لجميع البطولات المحلية والعالمية.

احتفال المياه… وجرعات الخيبة

الصورة


الزبير نايل

ولأن الناس في قريتنا طيبون، صدّقوا وعد الحكومة لهم بتجديد صهريج الماء.. طال انتظارهم، لكنهم أدركوا أنها مراوغة، وأن طول الانتظار لن يروي ظمأً.

حزموا أمرهم وقرّروا فتح باب التبرع.. جمعوا خمسين ألف جنيه من أصل خمسةٍ وستين ألفًا هي كلفة المشروع في ذلك الوقت… تملّكتهم حيرة: كيف يكملون المبلغ؟ لكن أحد الحضور، ممن عجنتهم المدن بدهائها، انبرى قائلاً: ماذا لو نظمنا احتفالاً ودعونا إليه المحافظ؟

همهم الجميع بفرح: "نِعْمَ الرأي.. نِعْمَ الرأي".

تشكلت لجنة لتقديم الدعوة للمحافظ الذي رحّب وحدّد لهم تاريخ وصوله. وعندما شاع الخبر، دبت الحياة في القرية، وبدأ البعض في طلاء مداخلها بالجير الأبيض مثلما يفعلون عند عودة الحجيج من الأراضي المقدسة.

جاء اليوم الموعود.. انتظم أهل القرية في الميدان مع وصول موكب المحافظ، يسبقُه ضجيج أبواق السيارات.. حاج الأمين نزع عمامته ولوّح بها فرحًا، وهناك زغرودة اشرأبت معها الأعناق لرؤية الضيف الكبير وصوت الماء في خلفية المشهد.

بعد الفراغ من الغداء، الذي أنفقت فيه اللجنة كل ما جمعته للمشروع، رحّب متحدث القرية بالضيف ووفده الكريم، وسرد تاريخ القرية ورموزها.. علت هتافات الأهالي عندما قال: إننا نشكو من عدم توفر الماء، فهل يرضيكم، سيدي المحافظ، أن تعطش هذه الوجوه التي أمامكم؟

حانت اللحظة المنتظرة.. أحكم المحافظ ربطة عنقه، واعتلى المنصة، وبدأ حديثه بالإطراء على القرية، ومجّد أهلها، ووصفها بأنها رمزٌ للتماسك والعزيمة.. وكان يتبسم كلما علت موجة التصفيق.

سكت برهةً، وهدأ الجميع، ثم قال بصوت أجش:

"يسعدني أن أساهم معكم بعشرة آلاف جنيه دعمًا لهذا المشروع النبيل."

ساد صمت عميق.. نظرتُ إلى حاج الأمين، فإذا به يحدّق كمن فقد شيئًا عزيزًا.. لم يُظهر أهل القرية خيبة أملهم، لكن انطفأت الزغاريد في أفواه النساء، وغاب بريق عيون الرجال، بعد أن تلاشى حلمهم في غبار الموكب.

عاد الجميع يقلبون أكفّهم حسرةً على ما أنفقوا في هذا الاحتفال..

عشرة آلاف فقط!

كان احتفالاً مثل رقصةٍ حول بئرٍ جافّة.

شارك عبر:
img
الكاتب

إبراهيم عوض

فريق آكشن سبورت

0 التعليقات

أضف تعليق

سيظهر اسمك وتعليقك فقط للجميع