أهداف ملعوبة

عبدالمنعم محمد سيدأحمد

هواجس شتى تمور في خاطري وتضرب وجداني.

يشتعل السؤال على رأسي: كيف سيكون الحال هنا في الخرطوم العاصمة بعد أن تضع هذه الحرب أوزارها وترفع عن كواهلنا أحمالها؟

وهنا تدفعني الحمية نحو شأن كرة القدم، ويبعدني التباغض والتناقض عن سواها من أمور السياسة ومتعلقاتها من اقتصاد وتعليم وصحة وغيره، وذلك لأن الرياضة، وأخص كرة القدم، ملعب جامع فسيح مريح وبوتقة تنصهر فيها خلافاتنا ورؤانا وألواننا وحواضننا. وكم أكره كلمة "حواضن" هذه التي بعثرتها في كل وادٍ، لأن حاضنتنا الوحيدة التي أعرفها هي حضن هذا الوطن العظيم.

عموماً، كلما صرفت قلمي لحديث وجدته يميل ميلاً عظيماً لشأن كرة القدم، ومن خلال اهتمامي وشغفي بها يلح على السؤال عنوان المقال: من أين نبدأ؟ وكيف نبدأ؟ وكم هو ترتيب كرة القدم في جدول الاهتمامات الملحة من أمن وتعليم وصحة؟

وخلق بيئة داعية وداعمة وحاضنة على الاستثمار والاقتصاد الذي يدير عجلة الحياة ودورتها… أشفق كثيراً وأخشى ألا نولي الرياضة، وكرة القدم خاصة، الاهتمام الذي تستحقه والمقام أو المكان الذي يجب أن تتبوأه. وقد علمتنا التجارب بيننا ومن حولنا كيف أن الرياضة هي السفارة الكبرى والدبلوماسية الأجرأ اختراقاً للعلاقات المغلقة بين الدول، وكيف أنها رسول المحبة الأعظم بين الشعوب. وما تجربة الهلال والمريخ في الدوري الموريتاني بعيدة عن النظر؟ ومن قبلها، كيف فكّت كرة القدم عقدة العلاقة التي بلغت درجة الخصومة بين بريطانيا العظمى والأرجنتين بسبب جزر الفوكلاند.

نعم، لا ولن نختلف حول دور الرياضة العظيم والمتعاظم في حياتنا، وخاصة في ظل هذه الظروف الحرجة التي تحتاج إلى مزيد من المسكنات ومزيلات الإحساس بالغبن والألم.

ولكن، كيف السبيل إلى رياضة تلعب هذا الدور وتعيدنا إلى التصافي والتعافي؟ لعل الشرط الأول للوصول إلى هذا الهدف هو الاهتمام والأولوية والأسبقية القصوى بالرياضة بكل ضروبها.

حتى إذا ما بلغنا تلك الدرجة العالية من الشغف الجماهيري بها والالتفاف حولها، يصبح سهل الوصول إلى رابط يربط بين هذا الشغف وأي برامج تعبوية أو تنموية أخرى. والدنيا مليئة بتجارب شتى وذكريات كثيرة من إسهامات كرة القدم؛ وأضرب مثلاً لقاءات الهلال والمريخ من أجل درء آثار كوارث فيضان القاش، ودعم الثورة الصحية، والكثير جداً من الإسهامات الكبيرة التي كان لها أعظم الأثر في بناء وتنمية اللحمة المجتمعية وشد الأواصر بين أبناء الوطن الواحد.

ومن أجل عودة هذا الشغف الإيجابي والزخم المحبب والكرنفالات المهيبة، أدعو الله صادقاً أن نعود كما كنا، أسمى وأرفع.

شغب وشغف مريخي اللون

.............

أحبتي في المريخ العظيم، ما اسم رئيسكم الجديد؟

علماً بأن للأسماء مدلولاتها، وهي مصدر تفاؤل أيضاً، إذ الجهاد حالة استنفار لها موجباتها مثل حالكم اليوم.

أما "سهل" فهو موضع تفاؤل، وأما إن كان الاسم "سهيلاً" فهو موضع حزن وشكوى، كما غنى ذلكم الصويدح خالد جبريل:

اشتهيتك يشهد الليل

إني بي شوقك مساهر

ليلي دونك قاسي وطويل

المنام من عيني طافر

وهنا يأتي بيت القصيد حيث يقول:

((إشتكيت الهم لي سهيل

سابني والليل في الأواخر

وما في غير الصبر الجميل

في رجاك تراني صابر))

والله يستر.