في السنوات الأخيرة، برزت مقاومة المضادات الحيوية كواحدة من أخطر التهديدات للصحة العامة على مستوى العالم. فقد أصبحت بعض البكتيريا قادرة على النجاة رغم استخدام أقوى أنواع المضادات، مما يؤدي إلى صعوبة علاج العدوى، وارتفاع معدلات الوفاة، وزيادة فترات البقاء في المستشفيات.

تنشأ هذه المقاومة غالبًا نتيجة الاستخدام المفرط أو غير الصحيح للمضادات الحيوية، سواء في الطب البشري أو البيطري، مثل استخدامها دون وصفة طبية، أو عدم إكمال الجرعة المقررة، أو استخدامها لعلاج حالات فيروسية لا تتأثر بهذه الأدوية.

وفي قطاع الثروة الحيوانية، يُعد الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية في تربية الدواجن والمواشي من العوامل المساهمة بقوة في ظهور سلالات مقاومة تنتقل إلى الإنسان عبر السلسلة الغذائية.

هذه الظاهرة تُهدد بإعادة العالم إلى ما قبل اكتشاف البنسلين، حينما كانت العدوى البسيطة تودي بحياة الناس. وتشير التقديرات إلى أن مقاومة المضادات الحيوية قد تتسبب في وفاة 10 ملايين شخص سنويًا بحلول عام 2050، إذا لم تُتخذ إجراءات حاسمة وعالمية.

لمواجهة هذه الأزمة، لا بد من اتباع نهج الصحة الواحدة (One Health)، والذي يجمع جهود القطاعات الصحية والبيطرية والبيئية معًا. ويشمل ذلك:

تشديد الرقابة على صرف المضادات الحيوية , تثقيف الأطباء والمربين والمستهلكين بشأن الاستخدام الرشيد , دعم الأبحاث لتطوير مضادات جديدة وآمنة , تحسين وسائل التشخيص لتحديد الحاجة الفعلية للعلاج بالمضاد.

ختامًا، مقاومة المضادات الحيوية خطر صامت لكنه قاتل، والانتصار عليه يبدأ بالوعي الجماعي، والالتزام من الجميع – أفرادًا ومؤسسات – بسياسات الوقاية والحذر، حتى نضمن مستقبلًا صحيًا أكثر أمانًا.

طبيب بيطري باحث في مجال الطب الوقائي والصحة العامة – صحيفة أكشن سبورت الإلكترونية Mahmodmahmood443@gmail.com