الزبير نايل
من مدرجات استاد الخرطوم، الذي شهد ميلاد بطولة أمم إفريقيا عام 1957، ظل السودان حاضرًا في الوجدان الإفريقي كأحد المؤسسين الأوائل للكرة القارية. يومها، كان فريقا الهلال والمريخ يشكلان هالة كروية يتردد صداها في الملاعب العربية والإفريقية، وتحسب لهما الأندية الكبرى ألف حساب.
لكن بين ذلك الماضي المشرق والحاضر المحتشد بالتحديات مسافة مؤلمة. فقد انعكست أوضاعنا السياسية والاقتصادية والحروب التي مزقت البلاد على المجال الرياضي، فتدهورت البنية التحتية، وهاجر اللاعبون بحثًا عن مستقبل أفضل، حتى باتت منتخباتنا التي كانت ترهب الآخرين تعاني صعوبة التأهل إلى النهائيات الإفريقية فضلاً عن المنافسة على الألقاب.
ومع ذلك، فإن الشغف السوداني بكرة القدم لم ينطفئ، فما زالت الجماهير تأخذها شوقًا للإبحار إلى آفاق بعيدة، يتجلى ذلك في متابعتها الكثيفة للدوري المحلي، ومشاركاتنا المتواضعة خارجياً، إضافةً لمتابعة الدوريات العالمية. وهذا الشغف هو رأس المال الحقيقي الذي يجعل أحلامنا مشروعة لاسترداد ريادتنا في الملاعب والساحات وإعادة كرتنا السودانية إلى سيرتها الأولى.
الأمل ممكن رغم طول ووعورة الطريق، لكن ضربة البداية لاستعادة ذلك المسار هي بناء مؤسساتنا الرياضية على أسس مهنية، واستقطاب المستثمرين، ورعاية أمينة وصادقة للناشئين، وإصلاح البنية التحتية. كما يجب أن نصنع من الرياضة أحد أعمدة وحدتنا، فالملاعب ليست للمباريات فقط، وإنما جسر نحو الوحدة الوطنية ونافذة للأمل تخفف من جروح الوطن الناجمة عن التجاذبات السياسية.
السودان يملك ما يكفي من الحلم لتصحيح مساره والعودة إلى الصدارة بعد أن أقعدته الظروف طويلاً، إذا ما صحّ منا العزم وتضافرت جهودنا لتحقيق أهداف شعبنا وطموحاته.
0 التعليقات