في الصميم
حسن أحمد حسن
نعم، هناك أقارب كالعقارب في أذاهم، لكن هذه ليست قاعدة؛ فاسأل عن أقاربك وأهلك وجيرانك، الفقير قبل الغني، والضعيف قبل القوي. فأنت بهم كما هم بك، وابدأ بالأقرب فالأقرب، فهو أولى لك، وثق أنك إن أحببت الناس بإخلاص فلن يكرهوك أبدًا. كن على يقين أن القرابة تحتاج مودة، بينما المودة لا تحتاج قرابة.
كثيرًا ما تسمع من يشكو من تصرفات أهله معه، وأنهم لا يسألون عنه أو لا يزورونه، وأنهم جاحدون وناكرون للمعروف، وغير ذلك من أبشع الصفات!
ولكن، هل يسأل هو نفسه: كم مرة زار فيها أهله؟ ومتى كانت آخر مرة اتصل بهم هاتفيًا؟! كثيرًا ما ينسى أو يتناسى أنه هو من بدأ الملامة والصدود والبعد عن الأهل. فقد يكون الفقير من العائلة أو الجيران لا يسأل أو يأتي إليك تعففًا وخوفًا من نظرة الناس، وهذا يُحترم. لذلك، يجب على الكبير أن يسأل عن الصغير، وعلى الغني أن يبادر بالسؤال عن الفقير.
كثيرًا ما نسمع عن قطع صلات الرحم بين الأشقاء وأبناء العمومة والخلان، بل حتى بين الأقربين من الدرجة الأولى، أو داخل العائلة الصغيرة أو العائلة الممتدة.
حدثني صديق أنه ذهب لتقديم واجب العزاء في وفاة أحد أقربائه، وعندما سأل عن الأخ الأصغر للمتوفى، علم أنه كان متخاصمًا مع شقيقه، فلم يزره في المستشفى، ولا حضر جنازته! والأدْهى والأمرّ أن ابن هذا الرجل الأكبر متزوج من ابنة المرحوم (ابنة عمه)، ومع ذلك فقد شكّل الابن حضورًا كريمًا وملفتًا خلال مرض عمه وأيامه الأخيرة في المستشفى، مما خفّف من وطأة تصرفات والده السلبية، وعزّز العلاقة بينه وبين أسرة زوجته.
كثير من هذه الخلافات والصراعات والمشاكل تندلع بسبب الزواج أو الورث، فتنشب بين الأسر المتقاربة أو بين الأهل خصومات تؤدي إلى انقطاع صلة الرحم، وعدم التواصل أو التزاور.
والموجع أيضًا أن بعض المغتربين حين اغتربوا تناسوا عمدًا التواصل مع أقرب المقرّبين إليهم. وظهر ذلك جليًا خلال فترة الحرب والشدائد، حيث احتاج بعضهم إليهم فعليًا. بل إن بعضًا من هؤلاء أغلق هاتفه، والبعض الآخر غيّر رقمه! قصص وحكايات وشكاوى نسمعها يوميًا عن مواقف عديدة تم فيها قطع التواصل بين الأقارب دون إبداء أسباب للجفوة.
[واصل أهلك قبل أن تهلك] مثلٌ ينبغي التمعن فيه طويلًا، لأنه كفيل بإنهاء كثير من الخلافات، وفتح أبواب مشرعة للحياة الكريمة بين الأجيال الممتدة في الأسرة.
0 التعليقات