عدد الزوار: 567,720

تابع آخر أخبار الرياضة من صحيفة أكشن سبورت – تغطية مباشرة وتحليلات مميزة لجميع البطولات المحلية والعالمية.

كرة القدم النسائية مع متلازمة (الناس في شنو؟)

الصورة


أحمد حسن حيمورة

أدركت أننا نحن الرجال لا زلنا كما كنا دائمًا، متجندرين ومتنمرين، أو كما نقول (يانا نحنا)، وذلك أنني ابتسمت مستهزئًا من الاسم الذي يطلقه المغاربة على فريق كرة القدم القومي للسيدات. فهم يطلقون عليهن "لبؤات الأطلس"، وهو بالطبع تأنيث حرفي لـ "أسود الأطلس"، مسمى فريق الرجال عندهم.

ومصدر ابتسامتي، ذلك التأويل الجائر القبيح لمسمى "اللبوة" عندنا وعند بعض الدول العربية. فقد حضرت على التلفاز ختام كأس أمم إفريقيا للسيدات، أبان زيارتي في يوليو الماضي للمغرب. اللقاء الذي خلت بسببه شوارع كل المدن المغربية، وخاصة العاصمة الرباط، من الناس، ما بين مشاهدين على التلفاز وحضور في الاستاد الأولمبي، والذي كان يجمع بين الفريق النيجيري، الذي دخل ذلك اللقاء بشعار أسموه "المهمة العاشرة" وهي إشارة إلى نيتهم تحقيق اللقب للمرة العاشرة — فتأمل — وبين لبؤات الأطلس، المستندات على تأهيل غاية في الرفعة، وعلى جمهور ملأ كل جوانب ومدرجات ذلك الاستاد الفخيم ووقف خلف لاعباته بالطبول والدفوف وموسيقى الأمازيغ ولباس الدراويش المتماهٍ مع العلم الأحمر والنجمة الخماسية.

وعلى الرغم من أنني لم أعتد على مشاهدة مباريات نسوية لكرة القدم، إلا أن جو الحماس الذي تشبعت به أجواء اللقاء لم يشعرني بفارق جندري، فانصرفت للاستمتاع بالمباراة ولاعباتها وطاقم تحكيمها، ومشاعر المغربيين والمغربيات بعد خسارتهم غير المتوقعة للقب البطولة وحنقهم على (الحَكَمة) المسكينة.

لكنني عند رجوعي من المغرب عنّ لي أن أرصد وأتحسس مكانتنا في هذا المنشط، الذي لم يحظ إلا بتغطيات خجولة لا تذكر عند إعلامنا الرياضي، وحظي برعاية متواضعة فرضتها قوانين الفيفا على اتحاد الكرة. فوجدت في تأريخنا، وكالعادة، ما يشير إلى أننا كنا أيضًا ضمن الأوائل في تكوين فرق كرة القدم النسائية.

فلم تكن نساء السودان بمعزل عن (النضال) الذي خاضته النساء على مستوى العالم ضد التعسف الرجالي، بدءًا من فرض الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم حظرًا على كرة القدم النسائية منذ العام 1921 حتى العام 1970، ومنع إقامة المباريات النسائية على الملاعب التابعة لأنديته بحجة عدم ملاءمتها لمقتضيات المحافظة الأخلاقية والعرفية. كما واجهت اللاعبات في دول أخرى معاملة عدائية وحظرًا مشابهًا من قبل منظمات يهيمن عليها الرجال. إلى أن جاءت حقبة السبعينات، التي شهدت انتعاشًا نسبيًا في شعبية اللعبة، وتأسست خلالها أقدم بطولة قارية وهي كأس آسيا للسيدات. لكن النسخة الأولى من كأس العالم لم تُجر إلا في العام 1991 في الصين. ومنذ ذلك الحين، أصبحت البطولة حدثًا كبيرًا على مستوى القارات.

أما عندنا، فقد توفرت لدي المعلومات عبر العم "قوقل"، تفيد بأن فكرة كرة القدم النسائية تبلورت في العام 2001 حينما أنشأت المدربة السودانية سارة إدوارد فريقًا نسائيًا حظي باهتمام نسائي — بحكم الجنس — وعانى من حرب رجالية ضروس، ومضايقات، وتوصيفات جائرة.

كان دون عتبة الصعود الأولى المؤدية إلى مراقي الاعتراف، خرط قتاد التقاليد المحافظة قبل الأمور الإدارية، ناهيك عن تلك الأمور المالية التي تزيلت من سلم أولويات كل المسؤولين. لكن الغريب أن عزيمة القائمات على أمر كرة القدم النسوية قادت إلى انطلاق أول دوري لكرة القدم النسائية السودانية في العام 2019. وهو عام صاخب، تضافرت فيه كل أسباب الفشل، من كورونا إلى فترة انتقالية تجاذبتها استقطابات أدخلت هذا النشاط ضمن أجندة المعارضة لأول حكومة بعد الإطاحة بحكم الإنقاذ.

ولكن هذه قصة أخرى تستحق أن تُروى بتفاصيلها منذ البداية، وهذا ما أعد بتغطيته لاحقًا إن شاء الله.

شارك عبر:
img
الكاتب

إبراهيم عوض

فريق آكشن سبورت

المقال السابق
فخ الخواتيم!!

0 التعليقات

أضف تعليق

سيظهر اسمك وتعليقك فقط للجميع