في الصميم

حسن أحمد حسن

الأبناء غير الشرعيين هم أطفال يولدون خارج إطار الزواج الشرعي، وقد يواجهون تحديات عديدة، ولكن قصتنا اليوم حقيقية، يعلم بها جزء لا يتعدى أصابع اليد الواحدة لخطورتها وفظاعتها. فهي أشد وجعًا وألمًا وحسرة، وأدت إلى صدمة نفسية كبيرة دفعَت الأب إلى الانتحار خوفًا من الفضيحة.

القصة تقول: الأب مقيم مع أسرته في إحدى الدول العربية منذ زمن تجاوز عشر سنوات، وله من الأبناء اثنان. شاءت الأقدار والظروف أن ينكشف المستور. إحدى جاراته طلبت منه خدمة عاجلة للذهاب معها إلى المستشفى لأن ابنتها كانت في حالة ولادة قيصرية عاجلة، ولأن زوج البنت، حسب علم الجار، مغترب. وبسبب حالة البنت وحاجتها للدم المتوفر أصلاً بالمستشفى، طالبت الأم الجارة من جارها الشهم، العظيم الرجال وكريم الخصال، بجواز سفره أو بطاقة الإقامة للموافقة على إجراء العملية ونقل الدم لها.

وافق الجار الطيب وأعطى الجارة مستنداته الثبوتية، وجلس مع الأسرة منتظرًا لحظة الولادة وخروج الابنة من العملية. اطمأن الجار على جيرانه وقام بالواجب المطلوب كعادة السودانيين في الكرم والتهنئة بالمولود، ثم غادر المستشفى.

بعد يومين تم استدعاؤه إلى المستشفى. عندما حضر، تفاجأ بأن هناك مشكلة صحية تخص الجنين، وطُلب منه إجراء بعض الفحوصات الطبية اللازمة للتأكد من نوعية المرض الذي خرج به المولود من رحم أمه. عندها انزعج الجار من طلب المستشفى لأنه ليس والد الطفل بل جار لهم. أكد الجار للمستشفى أن هناك خطأ أو لبسًا، إلا أنهم أصروا على أن شهادة ميلاد الطفل باسم الجار، ورقم جوازه وصورة الجواز والهوية الثبوتية موجودة بالملف، وإقرار العملية بتوقيعه كزوج.

حاول الاتصال بالجارة فوجد الهاتف مغلقًا، وطلب من زوجته الذهاب إليها، فأفادوه الجيران بأنها قد رحلت صباح اليوم لجهة غير معلومة.

الإدارة الطبية للمستشفى طالبت الجار (الزوج) بصفة رسمية وقانونية بإجراء فحص (DNA). وكانت المفاجأة الكبرى أن الأب الذي لديه طفلان عقيم ولا يلد. أعيد الكشف أكثر من مرة وفي عدة جهات، وكانت كلها تؤكد وتثبت عقم الجار.

كان منزل الجار العقيم قبلة للمقربين منه من الدرجة الأولى، من الدراسة الجامعية، مقيمون معه في دار واحدة، مأكل ومشرب ومسكن. ولكن قبل أن تكتمل بقية التحريات، أقدم الجار على الانتحار.

الجهة الطبية المختصة التي شهدت الحدث سردت الواقعة دون الإشارة لأصحابها، لأن في بعض المجتمعات قد يتعرض الأبناء غير الشرعيين للتمييز أو الوصمة الاجتماعية بسبب ظروف ولادتهم. وبالطبع، قد يواجه الأبناء غير الشرعيين تحديات نفسية نتيجة لعدم معرفة أحد الوالدين أو كليهما، أو بسبب الظروف التي أحاطت بولادتهم.

لذلك قرر هذا الأب الانتحار ليموت ويدفن سره العميق والموجع.