كلمة حرة مباشرة
أي عاصمة هذه التي نفكر في تزيينها بالمباني بينما سكانها عطشى، مرضى، ومحاصرون بانقطاع الكهرباء ورداءة الطرق؟! الخرطوم اليوم ليست بحاجة لوزارات على شارع النيل، بل لمياه نظيفة، ولمستشفيات مجهزة، ولمدارس تستوعب أبناء الفقراء قبل أبناء المسؤولين.
يا سادة، قبل أن تعيدوا الوزراء لمكاتبهم، أعيدوا الخدمات للناس. أوقفوا هذا الهوس بإعادة الحجر، وابدأوا بإعمار البشر. الوزير يمكنه أن يعمل من بورتسودان أو من أي مدينة، بل يمكنه أن يدير مشاريعه وهو جالس في بيته، تمامًا كما فعل العالم كله في جائحة كورونا.
تذكروا أيام الإغلاق: الرؤساء، الوزراء، المديرون، كلهم كانوا يعملون عن بُعد، ولم تتوقف الحياة. التكنولوجيا الآن تُري الوزير المشروع وهو على بُعد آلاف الكيلومترات، وتكشف له نسب الإنجاز لحظة بلحظة. فلماذا إذن سباق العودة إلى مكاتب فاخرة بينما العاصمة تئن تحت العطش والظلام؟
هذه ليست دعوة لتأجيل الإعمار، بل لترتيب الأولويات. شبعوا الناس خدمات، ثم شبعوا الكاميرات صورًا. أعيدوا الكهرباء والمياه والتعليم والصحة، وبعدها عودوا إلى شارع النيل كما تشاؤون.
فالخرطوم لا تحتاج الآن وزيرًا يبتسم من خلف مكتبه، بل تحتاج مواطنًا يبتسم لأنه شرب ماءً نظيفًا وعاد ابنه من المدرسة سليمًا.
0 التعليقات