عدد الزوار: 567,720

تابع آخر أخبار الرياضة من صحيفة أكشن سبورت – تغطية مباشرة وتحليلات مميزة لجميع البطولات المحلية والعالمية.

قصة إصرار تنتصر على الدمار

الصورة
خليك دبلوماسي
محمد مامون يوسف بدر

بعد أكثر من عامين من التوقف القسري بسبب الحرب، يخطو مطار الخرطوم الدولي خطواته الأولى نحو العودة إلى الحياة، حاملاً معه رسالة أمل للسودانيين الذين انتظروا طويلاً هذه اللحظة. فمن بين أنقاض الطائرات المحترقة والصالات المدمَّرة، تبرز قصة إصرار وتحدٍّ تُجسِّدها جهود إعادة التأهيل وعودة "سودانير" الناقل الوطني للتحليق من جديد. هذه العودة ليست مجرد استئناف لرحلات جوية، بل هي إعلانٌ بأن السودان قادر على النهوض حتى من تحت الركام.
لقد كان مشهد المطار بعد الحرب مؤلماً: طائرات محترقة، قاعات مسافرين منهدمة، وأنظمة ملاحية معطَّلة تماماً. التقديرات الأولية تشير إلى خسائر تجاوزت 700 مليون دولار، مع دمار شبه كامل في البنية التحتية الأساسية مثل صالات المغادرة والمدرجات. ومع ذلك، بدأت فرق العمل بجهود حثيثة لتنظيف المدرج الرئيسي وإصلاح ما يمكن إصلاحه، وسط تأكيدات فنية بأن المدرج أصبح مؤهلاً لهبوط الطائرات، على الأقل للرحلات الداخلية المحدودة.
في هذا السياق، أعلنت "سودانير" عزمها استئناف رحلاتها من مطار الخرطوم، مع نقل مقرها المؤقت إلى الرياض لضمان استقرار العمليات. هذه الخطوة، رغم التحديات الكبيرة، تمثل إشارة قوية لعودة الثقة بالناقل الوطني، الذي يُعدُّ شرياناً حيوياً لربط السودانيين بعضهم ببعض وبالعالم الخارجي، خاصة بعد سنوات من الانقطاع التي عانى خلالها المسافرون من صعوبات هائلة في التنقل عبر مطار بورتسودان البديل.
لكن الطريق نحو التشغيل الكامل لا يزال طويلاً. فبالإضافة إلى الأضرار المادية، هناك متطلبات فنية وأمنية صارمة يجب استيفاؤها وفقاً لمعايير منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO)، مثل تأمين المجال الجوي من أي تهديدات، وتشغيل أنظمة الملاحة والاتصالات، وتوفُّر كوادر فنية مؤهلة. سلطة الطيران المدني السودانية أكدت أن سلامة العمليات تظل الأولوية القصوى، وأن أي عودة ستكون تدريجية وبعد ضمان استيفاء جميع الشروط الدولية.
رغم هذه التحديات، فإن عودة المطار تحمل في طياتها بُعداً اقتصادياً وإنسانياً عميقاً. فإلى جانب تسهيل حركة المسافرين والبضائع، ستكون هذه الخطوة محفزاً لانتعاش القطاعات المرتبطة مثل السياحة والتجارة، كما ستُسهِّل وصول المساعدات الإنسانية ولمّ شمل الأسر المشتتة. رئيس الوزراء د. كامل إدريس أعرب عن أمله في أن تكون هذه العودة مصحوبة بعودة مؤسسات الدولة إلى العاصمة، مما يعيد شيئاً من الاستقرار إلى حياة السودانيين.
في النهاية، قصة مطار الخرطوم ليست مجرد سردية عن إصلاح منشآت، بل هي ملحمة وطنية تُجسِّد إرادة شعب يرفض الاستسلام للدمار. عبر جهود الكوادر المحلية والدعم الدولي، ينهض هذا الصرح من تحت الركام ليعود بوابة السودان إلى العالم. وكما قال أحد المسافرين: "كل رحلاتي بإذن الله على سودانير"، تعبيراً عن ثقة تُذكِّر العالم بأن السودانيين قادرون على تحويل التحديات إلى قصص نجاح. اليوم، يبدأ هدير الطائرات يعود إلى سماء الخرطوم، حاملاً معه بشرى سلام وأمل بمستقبل أفضل.
شارك عبر:
img
الكاتب

إبراهيم عوض

فريق آكشن سبورت

0 التعليقات

أضف تعليق

سيظهر اسمك وتعليقك فقط للجميع