عدد الزوار: 567,720

تابع آخر أخبار الرياضة من صحيفة أكشن سبورت – تغطية مباشرة وتحليلات مميزة لجميع البطولات المحلية والعالمية.

حين تعانق الرياضة روح الوطن

الصورة

الزبير نايل
هناك مشاهد لا يمحوها الزمن، تظل عالقة في الذاكرة كأنها حدثت بالأمس. من بين تلك المشاهد التي ارتسمت في خاطري من مونديال كأس العالم بالدوحة، يطل ذلك المشجع المغربي العجوز في مدرجات استاد الثمامة.
الدقيقة الثمانون من مباراة المغرب وبلجيكا، وأسود الأطلس يقاومون بقوة لإبطال سحر "الشياطين الحمر". في تلك اللحظة التي بلغت فيها القلوب الحناجر، وغير بعيد عني دسّ عجوز مغربي وجهه بعينيه الدامعتين في علم بلاده، وكأنه يحاول أن يستمد من خيوط العلم قوة نظرٍ جديدة لتتسع عيناه فيستوعبا جمال وحرارة اللحظة.
انتهت المباراة بفوز تاريخي للمغرب، واشتعل الاستاد هتافًا وتصفيقًا، وارتفعت الرايات الحمراء في موج بشري. وسط هذه الجموع، انبثق مشهد إنساني لا يقل روعة عن النصر نفسه.. النجم أشرف حكيمي يشق طريقه نحو المدرجات ليعانق أمه التي كانت تفيض فرحًا ودموعًا. قبّل رأسها وضَمّته إلى صدرها كأنها تعيد احتضان رضيعها الذي كان يومًا بين يديها، وها هو اليوم يقرّ عينها بإنجازه. خلع قميصه وأهداه لها لتشتم فيه عرق جهدها وحلمها الذي صار واقعًا، وكأنها تستعيد رائحة يوسفها الغائب الذي عاد إليها بأبهى حضور.
كان ذلك التفاعل بين اللاعب وأمه، وبين المشجع العجوز وعلم بلاده، تجسيدًا لمعنى أعمق من مجرد مباراة كرة قدم. إنه تذكير بأن الرياضة ليست مجرد تسجيل أهداف أو رفع الكؤوس، وإنما هي جسر من المشاعر الصادقة تعبر عليه القلوب قبل الخطوات. هي لغة لا تحتاج إلى ترجمة، يفهمها الكل دون حواجز السن واللغة والدين.
الانتصارات الحقيقية لا تُقاس فقط بعدد الأهداف، بل بقدرتها على جمع الناس حول الحلم المشترك، وبما تزرعه في النفوس من انتماء يبعث على الفخر.. حين تصبح الرياضة بكل هذا العشق، تأكد أن الوطن بخير.
شارك عبر:
img
الكاتب

إبراهيم عوض

فريق آكشن سبورت

0 التعليقات

أضف تعليق

سيظهر اسمك وتعليقك فقط للجميع