عدد الزوار: 567,720

تابع آخر أخبار الرياضة من صحيفة أكشن سبورت – تغطية مباشرة وتحليلات مميزة لجميع البطولات المحلية والعالمية.

قطر الندى

الصورة

نبض الكلمة

رندة المعتصم أوشي


كانت أغنيات وردي في فترتها الأولى امتدادا لروح الغناء الذي طرحه شعراء الحقيبة، والرومانسية التي كانت تستجيب لمزاج الجمهور.

ثم تطوّر وردي في اختياراته الغنائية، أحسّ بروحه، وبذوقه الرفيع، بضرورة العبور إلى منصة ومسرح جديد يواكب تطور الحياة.

انتقل بإرثه وتراثه إلى غناءٍ يجسّد رومانسيةً محدثة، لم تبتعد كثيرا عن رومانسية إسماعيل حسن ومجايليه، غير أنها اهتمت بالوجدانيات واستكشفت مفردة جديدة تعبّر عن تلك المرحلة الوسيطة.

أصغى الجمهور إلى محمد وردي وهو يصدح بـ:

ما في داعي تقولي مافي

يا الربيع في عطرو دافي

بهجة الشوق في كلامك

سر غرامك ما هو خافي

ما سر هذا الغناء الفاتن الذي يذيب العاطفة؟

كأنه قطر من ندى أزهار البراري، لطيف كملمس الحرير، هامس مثل جدول وسنان.

كان ذلك في العام 1962م، ووردي في بحثه الدؤوب عن لآلئ الغناء المخبوء في ذاكرة المبدعين.

مدينة واو كانت آنذاك صبية، تنعم بربيعها الأبدي، فردوس ضلّ طريقه إلى الأرض.

كان محمد عثمان "كجراي"، ابن الشرق الحبيب — وكم في الشرق من أسحار — المدرس المبدع، الشاعر المفتون، ناظرا لمدرسة المدينة الأولية. سحرته المدينة الحسناء، فاستنهضت شوقه وألهبت قريحته، فكتب هذه الأغنية الأنيقة.

سعد وردي بالنص البديع، وسهر عليه بعض أيام... أيامٌ قلائل، ثم تدفّق اللحن، كأنه عطرٌ مذاب.

كم أسعدتَ الناس يا وردي، كم أحبوك وأنت تقطف كل صباح زهرة، وتنتقي طيب الأشعار.

ومن يسمع:

تسلم إنت، تسلم إيدك

تسلم إنت عشان مكحّل دارنا

بسمرة جبينك

هو محمد حسن دكتور...

انظر كيف التقط وردي النص، وما فيه من عذوبة، وما يحمله من دلالات.

"تسلم إيدك"، هذا كلام أهل السودان، تحيتهم، ومن غيرنا يرسم هذه الصيغ الحميمة؟

ثم حلق طائر الطرب الأصيل، حلّ في رفاعة، وغادر خيمة الحردلو، حيث يزدهر الغناء التراثي الفاره الذي شغل الناس.

دخل الفنان المرهف سرادق الجمال والسحر، الجمع سكوت، والشِّعر ثريات معلّقات، وشوشات وترانيم، ثم انطلق ذاك الأريب الفطن:

وحياة ريدتنا وحياة الهوى الأول

هو جيلي عبد المنعم عباس، أحد طلائع الأدب الجديد في "حنتوب الثانوية".

التقط الهرم الأكبر النص، ولم يستطع صبرًا.

غادر المحفل مُعجَّلا، وانقضت أيامٌ قلائل، وسرى اللحن في ليالي العاصمة، بل في ليالي السودان كله.

ثم ارتفعت رايات جديدة، تُجسّد مرحلة أسهم فيها وردي بتطوير التذوق الجمالي، عبر بنا إلى رياض من الغناء، مليئة بالاتجاهات والقيم.

كان العبقري عمر الطيب الدوش يعمّد أطروحاته العجيبة بـ"الود"، التي لمست أحاسيس الناس لما فيها من غريب التعابير وعمق الإحساس.

ثم استطال ظل الغناء الذي اتصل بالناس، بأحلامهم، بعذاباتهم.

وعبر بنا وردي إلى حدائق الشعر، جعل منها مصطافا، مرسما أزدهى بلوحات:

• محمد حسن سالم حميد

• محجوب شريف

• صلاح حاج سعيد

ألتقيكم مراتٍ قادمات، مع شموس الغناء ومداراته النائية القصية.

ألتقيكم ومبارك بشير في "يا نسمة" ومجلسها "الدافي الوفي"، ولقيا عبر المستحيل مع أشواق:

نديانة... زي صدف البحر

شارك عبر:
img
الكاتب

إبراهيم عوض

فريق آكشن سبورت

0 التعليقات

أضف تعليق

سيظهر اسمك وتعليقك فقط للجميع