خواطر  زول

عبدالله القاضي

قصة نجاح مدهشة للسودانيين في الثانوية القطرية

منذ اندلاع الحرب في السودان، توقفت عن كتابة "خواطر زول"، لكن ما حققه طلاب المدرسة السودانية في قطر هذا العام أجبرني على العودة. إنها ليست مجرد نتائج باهرة، بل قصة كفاح جماعي من طلاب ومعلمين وأولياء أمور، تستحق أن تُكتب بحروف من نور.

قُدر لأكثر من 307 طالبًا وطالبة، معظمهم من القادمين من السودان، أن يعيشوا تجربة النزوح ثم اللجوء، وأن يفقدوا فرصهم في الجلوس لامتحانات الشهادة الثانوية السودانية. بعضهم كان يفترض أن يمتحن في 2023، وآخرون في 2024، لكن الحرب أوقفت كل شيء. ومع اقتراب بلوغ عدد منهم سن الثامنة عشرة، بات تجديد إقاماتهم في قطر مرهونًا بتسجيلهم في مدارس معترف بها، ما وضع أولياء الأمور في أزمة حقيقية.

وسط هذا التحدي، تحركت إدارة المدرسة السودانية في قطر، بالتنسيق مع السفارة السودانية، لإيجاد حل. وبفضل جهود رئيس مجلس الأمناء عمر زروق، ومدير المدرسة يوسف الطاهر، والأستاذ السماني أحمد وكيل المدرسة الثانوية بنين، والأستاذة مها عبد المحسن وكيلة الثانوية بنات، تم التوصل لاتفاق مع "إدارة التعليم الخاص" بوزارة التربية القطرية، التي أبدت تفهماً وتعاوناً كبيراً، فخُيّر الطلاب بالجلوس لامتحانات الشهادة القطرية.

لكن التحدي كان كبيرًا: طلاب درسوا المنهج السوداني طوال 12 عامًا، ويُطلب منهم دراسة الصف الثالث الثانوي القطري – بمنهجه الجديد والصعب – خلال 4 أشهر فقط، بعد فوات التيرم الأول، في نظام يعتمد على مجموع الترمين!

إلا أن الإرادة السودانية كانت حاضرة. قبل المعلمون التحدي، وبدأت الحصص المكثفة، وسهر المعلمون والمعلمات الليالي مع طلابهم، بمساعدة خبراء تعليم سودانيين في قطر. وبجهد مشترك من الأسر والمعلمين والإدارة، اكتمل الترم الأول خلال شهر واحد، ثم انطلقت رحلة الترم الثاني.

وكان الحصاد مذهلاً:
أكثر من 60 طالبًا وطالبة أحرزوا فوق 90%، بينهم:

كما حقق عشرات الطلاب نسبًا بين 97% و80%، وهي نتائج تُعد إعجازية في ظل الظروف.

احتفلت المدرسة بهذا الإنجاز في حفل أنيق بـ"قاعة ريجنسي"، كرّمت فيه المعلمين والطلاب المتفوقين، بحضور رسمي من السفارة السودانية، على رأسهم السفير محمد ميرغني، والمستشار عبد الحكيم المهدي، والقنصل حسن الشريف. كما تم تكريم ممثلي وزارة التربية والتعليم القطرية، الدكتور محمد عبدالمجيد والدكتور أسامة يوسف، إلى جانب حضور عدد من سفراء الدول، وتخلل الحفل فقرات إبداعية لفرقة "كوش" بقيادة الفنان عثمان النو.

شكر خاص للموظف القدير علي جاسم الكواري بوزارة التربية، الذي كان مثالًا في حسن الاستقبال وتسهيل الإجراءات لأولياء الأمور، فكان وجهًا مضيئًا في مسيرة هذا الإنجاز.

قصة هؤلاء الطلاب شهادة حية على أن الشعوب العظيمة لا تُهزم، وأن التعليم يظل بوابة الأمل، مهما اشتدت الأزمات