هلال وظلال
عبد المنعم هلال
حيُّ الصحافة العريق، ذاك الحي الذي لم يكن مجرد اسمٍ على خارطة الخرطوم، بل صار منبعًا للضياء، ومنجمًا للنجوم. خرج منه عمالقة في كل مجال: فنانون أطربوا، ولاعبو كرة قدم أبدعوا، وصحفيون كتبوا بحبر من نبض، وأطباء ومهندسون ومبدعون من كل صنف ولون.
لو أن كل واحدٍ من أبناء الصحافة، أينما كان، قدّم دعمًا صغيرًا حسب مجاله وتخصصه، لنهضت الصحافة من كبوتها، واستفاقت من سباتها، وتعافت سريعًا من آثار الحرب والتشظي.
مناشدتي الأولى اليوم موجهة إلى فنانين الصحافة، أولئك الذين ينتشرون في بلاد العالم شرقًا وغربًا. فالصحافة أعطتكم اسمها، ومنحتكم الانتماء والرمزية؛ مثل فيصل الصحافة، وخالد الصحافة، وجلال الصحافة. هؤلاء لم تعد الصحافة بالنسبة لهم مجرد حي، بل صارت اسمًا ملتصقًا بهم، وجزءًا من هويتهم الفنية.
ألا يستحق هذا "الاسم" أن نبرّه؟ أليس من البر أن نرد بعض الجميل؟ أليس من الواجب أن يرعى الابن والده ويعتني به عند مرضه؟
ونذكر أيضًا قامات مثل يوسف الموصلي، الذي كان يُلقب في بداياته بـ "يوسف ود الصحافة"، وأحمد عجوز، ومحمد إسماعيل، وغيرهم كثيرون ممن خرجوا من رحم الصحافة، وتربّوا في أحضانها.
فماذا لو أقام كل فنانٍ من أبناء الصحافة حفلاً خيريًا في البلد التي يقيم بها، يعود ريعه لصالح الحي؟ وهم بالتأكيد يملكون جماهيرهم ومعجبيهم، الذين لن يبخلوا بالدعم والمساهمة، فقط لأن الدعوة تحمل شيئًا من الوفاء لحيّ الوفاء... صحافة الأوفياء الأنقياء.
هذا أقلّ ما يمكن أن نقدّمه للصحافة. نحن مدينون لها... مدينون لأزقتها، لكل جدار فيها، لصباحاتها البهية، لملاعب ترابها، لمساجدها، لأنديتها، ولشوارعها التي كانت أول منصة لانطلاقنا في رحاب الحياة.
الصحافة بحاجة إلينا اليوم... كما كنا نحن بحاجة إليها بالأمس.
فلنلتفّ حولها الآن، لنعيد إليها بعضًا من ألقها وجمالها وبهائها وفتنتها.
هي نادتكم... فهل من مُجيب؟
وتعيشي إنتِ يا صحافة الكرام
0 التعليقات