الزبير نايل

والوطن يعيش وجعًا مريرًا خلّفته الحرب في كل مناحي الحياة، ويرقد على أنقاضٍ ثقيلةٍ من الألم، تقف الرياضة شاهد صدق على حجم الدمار والخراب الذي طال كل شيء.. فقد أضحت ملاعبُنا التي كانت تنبض بالحياة، خرائبَ موحشةً تعربد فيها رياح الأسى والنسيان، حيث انهارت بنياتها التحتية، وتفرّقت فرقُها وجمهورها في أصقاع الأرض.

يُقال إن اللحظات العصيبة دائمًا ما تلد معها البدايات الجديدة، ولكي نبدأ ضخ الدماء في شرايين هذا القطاع الحيوي الذي يُمثّل روح الشباب ومتنفّس الجماهير وساحة الوحدة الوطنية التي لم تُفلح أحابيل السياسة في تحقيقها، يجب علينا أن نشدّ المئزر ونضع الأكفّ في بعضها لنُطلق نفيرًا عامًا أو نداءً وطنيًا جامعًا يُعيد نبض الحياة إلى هذه المؤسسات.

المطلوب ليس ترميم ما تهدّم فقط، وإنما وضع خطة طموحة تليق بالمستقبل؛ فبعض مؤسساتنا الرياضية اختنقت وسط زحام المدن، وضاق عليها المكان، وجاء الدمار ليمنحنا فرصة لإعادة التفكير بنقلها إلى مواقع أكثر رحابة.. هذه لحظة تاريخية لإحداث قفزة تنهض بالرياضة من جديد على أسس علمية تواكب التطور الرياضي في العالم. رؤيتُنا يجب أن تكون مدروسة وشاملة، ولا تكون مجرد ترميم، وإنما رؤية تأخذ في الاعتبار بيئة الملاعب وسلامة الجمهور وربط الرياضة بالتنمية المجتمعية وفق المعايير العالمية.

يجب أن نُطلق نداءً تُشارك فيه كل قطاعات المجتمع، وعلى وجه الخصوص جماهير الرياضة، لأنهم نبض الرياضة وروحها الحقيقية، والأكثر حماسة واستجابة. كما علينا التحرّك سريعًا لفتح قنوات التواصل مع الاتحادات الإقليمية والدولية، وعرض حجم الخراب والدمار الذي خلّفته الحرب في منشآتنا الرياضية بعد توثيقها، لمشاركتنا في إعادة الحياة إلى هذه المنشآت.

الرياضة في عالمنا اليوم ليست ترفًا أو كماليات، بل هي روح المجتمع وصورة من صور تعافيه، والرياضة في أبرز تعريفاتها هي القوة الناعمة التي توحّد ما فرّقته السياسة، وهي التي تنشر الفرح في النفوس حتى في أقسى لحظات الألم.

فلينطلق النداء تحت شعار: "فلنُعِد للرياضة روحها، وللوطن ملاعبه"، عسى أن ننتصر بالرياضة حين عجزنا بالسياسة..