عدد الزوار: 567,720

تابع آخر أخبار الرياضة من صحيفة أكشن سبورت – تغطية مباشرة وتحليلات مميزة لجميع البطولات المحلية والعالمية.

سوشال ميديا السودان: أزمة وعي أم تدهور أخلاق

الصورة

الزبير نايل
**************
منصات التواصل الاجتماعي، التي يُفترض أن تكون منابر للنقاش الحر، وتبادل الرأي، وبناء الوعي الجمعي، تحوّل بعضها – بكل أسف – في واقعنا السوداني إلى ساحات صاخبة بالتهريج، وساقط القول، والشتائم، وبثّ روح الكراهية البغيضة، والعصبية، والقبلية.
إن المجتمعات لا تنهض إلا بالنقاش البنّاء، المحكوم بأخلاقيات الكلمة، والمحصَّن بقيم الاختلاف، لأنه الرافعة الحقيقية لأي نهضة فكرية أو اجتماعية. غير أن ما نشهده اليوم في وسائطنا – خاصة الرقمية منها – ينذر بانحدار مقلق في منظومة القيم، وتآكل مريع في أخلاق التخاطب، وهو ما يشي بأننا أمام أزمة لا تقل خطورة عن الأزمات السياسية والاقتصادية التي نعاني منها.
لقد ألحقت هذه الوسائط ضررًا بالغًا ببلادنا ونسيجها الاجتماعي، بدلًا من أن تكون أداةً للبناء والوحدة والتواصل، فأصبحت معاول هدم، تغذّي الشقاق، وتنشر الإشاعات، وتصفّي الحسابات. فلا تكاد تبرز قضية عامة إلى السطح، حتى يندلع الصخب والضجيج، ولا يُطرح رأي إلا ويُقابل بسيل من الشتائم والتخوين. وهذا مناخ مثبِّط لأي مبادرة جادة، ومحبِط لأصحاب الأفكار البنّاءة، كما يُغذّي الانقسامات المجتمعية، ويُرسّخ الكراهية والتعصّب.
ما نشاهده أمر مقلق حقًا، يُضعف قيمنا، ويُوغِر كثيرًا من الصدور، ويصرف العقول عن التفكير في حلول حقيقية لما يمر به السودان من تحديات جسام؛ لأن المجتمعات التي تفقد القدرة على إدارة خلافاتها بشكل راقٍ، وتستبدل الحوار بالتهريج، لا تستطيع أن تبني مؤسسات قوية، ولا أن تنهض من كبوتها.
إننا بحاجة إلى إصلاح ثقافي عميق، يبدأ من البيت والمدرسة، ويمتد إلى منصات الإعلام، ليعيد الاعتبار لقيم الحوار والاحترام، ويضع حدًّا لهذا الانفلات الأخلاقي.
فهل آن الأوان أن نستفيق، ونعيد ضبط بوصلتنا، لنرتقي بخطابنا، ونخرج من هذا القاع، ونعيد لهذه الوسائل دورها كرافعة للوعي، لا ساحة للتهريج لا تليق بشعب عظيم وتاريخ عريق؟
الكلمة مسؤولية، وارتقاء الخطاب هو الخطوة الأولى في طريق ارتقاء الأوطان.
شارك عبر:
img
الكاتب

إبراهيم عوض

فريق آكشن سبورت

0 التعليقات

أضف تعليق

سيظهر اسمك وتعليقك فقط للجميع