عدد الزوار: 567,720

تابع آخر أخبار الرياضة من صحيفة أكشن سبورت – تغطية مباشرة وتحليلات مميزة لجميع البطولات المحلية والعالمية.

"قام أتعزز الليمون".. عندما يغني محمد سلام

الصورة

"المساح" أورثه الفن.. فكانت الأغنية مسيرته والعود رفيقه

"قام اتعزز الليمون"... حين غنّى محمد سلام للحب والخذلان!

عمر الحاج موسى استشهد بأغنيته الشهيرة في خطاب بحضور النميري

بقلم : عبد المنعم هلال

محمد سلام... صوت فريد وموهبة نادرة، اجتمعت فيه الفطرة الموسيقية مع الدراسة الأكاديمية، فأبدع وأطرب وترك بصمة لا تُنسى في ذاكرة الأغنية السودانية.
لم يكن مغنيًا فحسب، بل كان ملحنًا متفردًا، لحن جميع أغنياته بنفسه، فخرجت ألحانه عذبة كجدول رقراق، تنساب إلى القلوب قبل الآذان.

وُلد الفنان محمد سلام في بيئة غنية بالفن والثقافة، حيث احتضنتهمدينة ود مدني، فصقلت موهبته وتفتحت مداركه الفنية. وهناك، تربى على أنغام خاله الفنان الكبير "المساح"، الذي كان له الأثر البالغ في تشكيله الفني.
ولم تكن ود مدني وحدها شاهدة على مسيرته، بل أمدوم أيضًا، التي تزوج منها وعاش بين أهلها، واحتضن ترابها جسده الطاهر عند الرحيل.

كان محمد سلام من القلائل الذين أجادوا العزف على آلة العود بمهارة استثنائية، وظهر في سن مبكرة خلال سبعينيات القرن الماضي عبر شاشة تلفزيون الجزيرة وإذاعة "ريبا"، فتألّق وأصبح نجمًا ساطعًا في سماء الغناء السوداني، ينافس كبار الفنانين أمثال الراحل زيدان إبراهيم.
حتى أن وزير الإعلام المايوي آنذاك، الدكتور عمر الحاج موسى، استشهد بكلمات أغنيته الشهيرة (قام اتعزز الليمون عشان بالغنا في ريدو) في خطاب رسمي أمام الرئيس جعفر نميري بقاعة الصداقة، دلالة على مدى انتشار تأثيره الفني.

ورغم نجوميته في تلك الحقبة، إلا أن محمد سلام لا يعرفه جيل اليوم، والكثيرون لا يعرفون عنه شيئًا، في مفارقة مؤلمة لفنان شغل الناس يومًا.

رحل محمد سلام عن دنيانا بهدوء، في ظهر يوم السبت الثلاثين من نوفمبر عام 2013، لكن صوته ما زال يتردد في الوجدان، وألحانه تحكي سيرته بصمت نبيل.

وأغنية (قام اتعزز الليمون) كانت على لسان الجميع في عقدي السبعينيات والثمانينيات. وهي من كلمات الأستاذ الشاعر ومعلم اللغة الإنجليزية أزهري عبد الرحمن أبشام، وهو شاعر معروف، له أغانٍ كثيرة وقصائد مشهورة، لكن أشهرها بلا منازع (قام اتعزز الليمون).
إنها أغنية شجن ولهفة وعتاب ناعم، مغلفة بلحن بسيط وعذب، تريك كيف أن المحبة يمكن أن تجرح وتمسح دموعك في اللحظة نفسها.

 

قراءة شعرية – في مفاتيح العذوبة:

قام اتعزز الليمون.. عشان بالغنا في ريدو

الليمون هنا لا يُقصد به الفاكهة، بل هو رمز للحبيب المتغطرس والمتدلل، الذي يبتعد عنك لأنه شعر بأنك أحببته أكثر مما ينبغي. كأنما يقول: "أديتو حب فوق طاقتُو، قام اتكبر".

بدور أشكيهو للقمرة.. بشوفك من أجاويدو

القمر هنا أصبح وسيلة أو مرآة للحبيب، لأن الشاعر يرى ملامحه في القمرة، وطيبة قلبه في ضيّها... بيت شاعري بسيط، لكنه مفعم بالحيرة العاطفية.

حارق جوفنا دا الليمون.. نجض قبال مواعيدو

وجع الحبيب بلغ الجوف... و"نجض" هنا تعني أنه سبق الزمن، نضج قبل أوانه.

وراح صايدنا دا الليمون.. قبال نحن ما نصيدو

كنا نحاول الوصول إليه، لكنه سبقنا وصادنا... كأنك تطارد طيفًا يسبقك دومًا.

ليه صايدنا يا ليمون.. قبال نحن ما نصيدك؟

سؤال نادم موجوع: لماذا بادرت بالخذلان قبل أن نُكمل نحن حبنا وفرحنا؟

عشان السمرة في خديك.. وقلبي الشلتو في إيدك

الحبيب سرق القلب وخطفه بجماله وسحنته، ثم غاب!

كان جيعان تعشيهو.. كان زهجان تحجيهو.. كان نعسان تلوليهو

يا سلام! وصف نادر للحب الحقيقي، الحنين، والخدمة... حب بالفعل لا بالكلام.

وكان بردان يا قمرة.. بتوب الحنان غطيهو

صورة شعرية آسرة... القمرة هنا تتحول إلى حنان يغطي برد الحبيب، لا مجرد ضوء.

وكان فرحان حديثي معاك صرة وخيط تفتيه

عندما يفرح، يصبح الكلام مثل صُرّة مربوطة، تُفك بالحديث وتوزّع الفرح.

وكان شتّت دميعاتو الحنان.. خفي عليهو.. ضميهو

ختام يشبه حضن الأم... لا تتركه إن بكى، بل ضُمَّه وامسحي دمعه وكوني له وطنًا.

 

(قام اتعزز الليمون) ليست أغنية عادية، بل سيرة وجدانية مكتملة الأركان. فيها الحبيب المتمنع، والعاشق المتلهف، والدموع، والخذلان، والرجفة.
كلماتها بسيطة، لكنها مشحونة بالدرر. ولحنها يأخذ الكلمة ويودعها مباشرة في القلب.

رحم الله محمد سلام... غنّى له، وغنّى لنا، وترك لنا أثرًا لا يُمحى

شارك عبر:
img
الكاتب

ابراهيم عوض

كاتب صحفي مهتم في الرياضة.

0 التعليقات

أضف تعليق

سيظهر اسمك وتعليقك فقط للجميع