في عالم يشهد تزايدًا مستمرًا في حركة الاستيراد والتبادل التجاري، أصبحت الأغذية المستوردة
جزءًا أساسيًا من النظام الغذائي في كثير من الدول، لا سيما في الدول التي تعتمد على
الأسواق الخارجية لتوفير جزء كبير من احتياجاتها الغذائية. ورغم الفوائد التي تتيحها
هذه التجارة، إلا أن هناك مخاطر خفية تتعلق بسلامة هذه الأغذية وتأثيرها على الصحة
العامة.
تتعدد مصادر المخاطر في الأغذية المستوردة ما بين وجود بقايا مبيدات حشرية، أو مواد
حافظة مضافة بتركيزات تتجاوز الحد المسموح به، أو طرق تخزين ونقل غير مطابقة للمواصفات،
إلى جانب احتمالية تلوث المنتجات بالبكتيريا أو الفيروسات خلال مراحل التصنيع أو النقل.
وتزداد هذه التحديات تعقيدًا مع تباين المعايير واللوائح الصحية بين الدول، مما يجعل
من الضروري وجود آليات صارمة للفحص والتحليل قبل دخول المنتجات المستوردة إلى الأسواق
المحلية. كما يجب أن تُعزز الجهات الرقابية جهودها باستخدام تقنيات الكشف السريع وتحليل
المخاطر، إضافة إلى تتبع مصادر المنتجات لضمان سلامتها.
ومن جهة أخرى، فإن توعية المستهلك تمثل عنصرًا محوريًا في تقليل التعرض للمخاطر، من
خلال معرفة كيفية قراءة بطاقات البيانات على الأغذية، وتحديد مصدر المنشأ، والانتباه
إلى تواريخ الإنتاج والانتهاء، وكذلك طرق الحفظ المناسبة.
إن سلامة الأغذية المستوردة ليست مسؤولية الجهات الحكومية فقط، بل هي مسؤولية تشاركية
بين المورد والمستهلك وأجهزة الرقابة، ووجود نظام فعال للرقابة والتفتيش هو صمام أمان
يحفظ صحة المجتمع.
في النهاية، تبقى الصحة العامة أولوية لا تحتمل التهاون، وسلامة الغذاء جزء لا يتجزأ
من منظومة الوقاية. وكل خطوة في هذا المسار تُمثّل استثمارًا في صحة الأفراد وجودة
الحياة.
د. عبدالمحمود الشيخ
Mahmodmahmood443@gmail.com
0 التعليقات