عبدالحي أبوزيد

هو وحده يزرع البسمة

الهلال في سماء السودان هو وحده الذي يزرع البسمة في شفاه الشعب السوداني، الذي غابت عنه الأفراح ولم يتذوقها منذ أكثر من ثلاث سنوات. وكان الهلال سيدها في المزاج السوداني، بل هو الأوحد الذي سطّر حروفاً من الإبداع، وصار حروفاً من الإمتاع، ورسم لوحة من الإبهار، والتفّ حوله الناس ليروا مشاهد الفن وجماله.

الهلال لم يكن منظومة كروية فحسب، بل هو جملة اجتماعية وثقافية تسري في وجدان الأمة، ويحدث تفاعلاً يتبتل في سماء الوطن ويكون له تأثيره.

هو وحده، الهلال، يأتي بما لم يأتِ به الآخرون من وقائع ملموسة مغموسة في قلب كل مواطن.

أُجبر الهلال على الرحيل قسراً، لكنه لم يخنع ولم يستسلم، ولم تقهره الظروف، بل عزم على النضال في ساحات الوغى، واستطاع بشكل مشرّف أن يخوض غمار بطولة الأندية الأفريقية بعد تحضيرات هنا وهناك، ومشاركته في الدوري الموريتاني الذي أبلَى فيه بلاءً حسناً، واستطاع أن ينال درع البطولة بعد أن قدّم لجمهور موريتانيا تابلوهات من المتعة الكروية، وكانوا خير معين له لخوض غمار البطولة الأفريقية، التي واصل فيها الهلال حتى دور الثمانية، لكنه خُذل في اللفة الأخيرة، حيث لم يكن الحظ بجانبه.

رجع الهلال بعد غيبة طويلة، وأُجبر على اللعب في بطولة النخبة، وبعد أن استقرت الأمور، خاضها دون أجانبه وباللاعبين المحليين. وإن تعثر بعض الشيء في عدد من المباريات، إلا أنه استعاد عافيته، وانقلب على التوقعات، بعد أن راهن المُغيبون على أن الهلال هذا العام لن يشارك في الأبطال، وبالكاد سيكون في الكونفدرالية. لكن المارد العملاق انتفض في المباراة الأخيرة مع نده المريخ، وقلب الطاولة في وجهه ووجه كل من راهن على نهايته، وإذا بالمريخ يُذَلّ بأربعة أهداف أسطورية، كان فيها فتية الهلال بحجم المقدرة التي فاقت التوقعات، وبذلك استطاع الهلال أن يبرز كبطل لبطولة النخبة.

كانت تلك المباراة فاجعة للمريخ. وبعدها أُعلن عن بطولة كأس السودان، التي كان مقرراً لها السبت الماضي، فبادر المريخ بالانسحاب منها خوفاً ورهبة، لأنه لا يستطيع أن يتحمّل هزيمة أخرى وفضيحة تُسجَّل في تاريخه، مما جعل الهلال يتسيّد بطولات الموسم بلا منازع، حتى تناولته القنوات الفضائية بالتقدير والإعجاب، كما أصبح الشغل الشاغل للميديا في الأيام الماضية.

هذه هي عظمة الهلال.