عدد الزوار: 567,720

تابع آخر أخبار الرياضة من صحيفة أكشن سبورت – تغطية مباشرة وتحليلات مميزة لجميع البطولات المحلية والعالمية.

في بيتنا طفلٌ مُعاق

الصورة

في الصميم – حسن أحمد حسن


قد يُبتلى الأهل بوجود طفل مُعاقٍ أو مصابٍ بمرضٍ مزمن، ومن بين هذه الابتلاءات إصابة الطفل بمرض التوحّد، أو خلل في آليات الكلام والتخاطب، مما يؤدي إلى عدم القدرة على النطق، نتيجة اضطرابٍ في النمو العصبي يجعل الطفل عاجزًا عن التواصل مع محيطه الخارجي.

ويُعدّ التوحّد مرضًا يختلف عن الإعاقات البدنية أو النفسية المعروفة، كما تختلف حدّته ودرجته من طفلٍ لآخر. وتواجه العائلات التي تضم طفلًا مصابًا بالنوع الحاد – أو لنقل الشرس – من هذا الاضطراب، معاناة حقيقية مع عدوانيته، فلا ينفع معه النُصح أو الزجر أو العقاب.

قد يقوم هذا الطفل بكسر الصحون، وبعثرة الأواني في المطبخ، وتحطيم زجاج النوافذ، وضرب إخوته، وعضّ الأطفال، وغيرها من السلوكيات التي يصعب تحمّلها. ولا يستطيع أي زائرٍ البقاء في منزلهم أكثر من دقائق معدودة، ليغادر وهو مذهولٌ من قدرة الأهل على التحمّل!

ورغم تلك الإعاقة، فإنّك تجد اهتمام الأهل بابنهم لا يتناقص، بل ربما يتضاعف. ونصادف كثيرًا في الممارسة التأهيلية، آباءً وأمهاتٍ يحضرون بأبنائهم إلى المراكز المتخصصة. ولحسن الحظ، فإن السودان – بحمد الله – بات يضم مراكز تأهيلية متقدمة وذات سمعة طيبة، غير أن بعضًا منها أُغلق بسبب الحرب.

ونتمنى بانتهاء هذه الحرب أن تعود هذه المراكز لممارسة نشاطها التأهيلي والتدريبي، ونناشد القائمين عليها بألّا يتأخروا، لأنّ الوقت مهم في حالة هؤلاء الأطفال.

ففي الغالب، نجد أنّ نسبةً كبيرة منهم يفتقدون للعقل أو الوعي الكامل، ولا يملكون إحساسًا حقيقيًا بما يجري حولهم، كما لا يفقهون من الكلام شيئًا. وكلامهم – إن وُجد – ليس سوى أنينٍ وآهات، مما يصيب من يشاهدهم بالذهول، ليس فقط لحالتهم، بل لمستوى الصبر الذي تبديه أمهاتهم، إذ نلمس بوضوح خوف الأم وشفقتها، وتفانيها رغم قسوة الظروف.

الطفل ذو الاحتياجات الخاصة يتأثر كثيرًا بتأخُّر التأهيل، خاصةً حين تطول فترات غياب المراكز عن أداء دورها بسبب الحرب. صحيح أن للمراكز أعذارًا، لكن الواجب الإنساني يحتم أن تفتح أبوابها لخدمة هؤلاء الأطفال، فهم – بلا شك – تجارة رابحة مع الله!

ومن الابتلاءات الأخرى، أن يُرزق بعض الأهالي بطفل يُعرف في العامية بـ"المنغولي"، وهي حالة ترتبط بتشوّهات جينية، يكون فيها وجه الطفل شبيهًا بملامح المنغوليين من العِرق الأصفر، ويترافق ذلك غالبًا مع تخلف عقلي متوسط إلى شديد، وميل إلى البدانة.

وتلجأ بعض الأسر إلى إخفاء حقيقة إعاقة ابنهم عن الآخرين، ويمتنعون عن اصطحابه إلى المناسبات أو الأسواق، خشية نظرات الناس التي تطاردهم وتطارده، وقد يطيل البعض النظر إليه أكثر من اللازم، مما يثير الحرج والخجل لدى والديه.

معظم الدول والمنظمات – والسودان من بينها – تهتم بالأطفال ذوي الإعاقة، وقد صدرت تشريعات لحمايتهم من الإيذاء والإهمال، ويتم دمجهم في المجتمع. وتمنع هذه القوانين التمييز ضدهم أو تعطيل فرصهم، وتُخضع من يخالف ذلك للمساءلة القانونية، بل أحيانًا تتدخل منظمات دولية لحمايتهم.

لكن رغم كل ذلك، فإنّنا نلاحظ أن تلك القوانين تهمل – في كثير من الأحيان – دور الأهل الذين يعتنون بأطفالهم ليل نهار، ويعيشون معاناة يومية تفوق معاناة أبنائهم.

نعم، تُقدَّم للأطفال المعاقين مساعدات وخدمات ودعم نفسي وعلاجي، لكن الأهل أنفسهم يحتاجون – وربما أكثر – إلى هذا الدعم.

والغريب أن بعض هذه المنظمات لا تكتفي بعدم دعم الأهل، بل تُلاحقهم وتُراقب مدى اهتمامهم بأبنائهم، خشية التقصير، دون أن تمدّ لهم يد العون.

التحية والتقدير والاحترام لكل أسرةٍ لديها طفلٌ من أصحاب الهمم، والتحية والعرفان لكل مركزٍ يعمل في خدمة هؤلاء الأطفال. نسأل الله أن يُعين الجميع ويجزيهم خير الجزاء.


https://3ctionsport.com

شارك عبر:
img
الكاتب

إبراهيم عوض

فريق آكشن سبورت

0 التعليقات

أضف تعليق

سيظهر اسمك وتعليقك فقط للجميع