راي رياضي
إبراهيم عوض
ميرغني إدريس.. عنوان الإنسانية
في وقتٍ ندر فيه الوفاء وتجردت فيه كثير من الأيادي من العطاء لوجه الله، يبرز الفريق ميرغني إدريس، مدير عام منظومة الصناعات الدفاعية، كنموذج فريد للإنسان السوداني الأصيل، الذي ظل طوال عقودٍ يمد يده دعماً للفقراء والمحتاجين، لا طلبًا للشهرة، ولا سعياً للأضواء.
عرفت الفريق إدريس قبل أكثر من 35 عامًا، حين كان ضابطًا برتبة مقدم، ومنذ ذلك الحين وهو مثال في البذل والعطاء، خاصة تجاه قطاع الرياضيين، وبشكل أخص نادي الهلال، الذي ظل أحد أعمدته الخلفية في فترات التسجيلات ودعم اللاعبين، دون أن يرتبط اسمه بالتصريحات أو الصور، بل آثر أن يكون الرجل الذي يعمل بصمت، ويكتفي برضا ضميره.
كان الساعد الأيمن لرئيس الهلال الراحل الطيب عبد الله، واستمر كذلك مع كل الرؤساء الذين تعاقبوا على إدارة النادي، يمدهم بالدعم والنصح والمساندة، فاستحق احترام الجميع داخل وخارج النادي. ساهم في تسجيل العشرات، بل المئات من اللاعبين، وأسهم في بناء أجيال كروية دون أن يسعى لأي موقع أو منصب داخل النادي.
لكن الوجه الإنساني للفريق ميرغني برز بجلاء بعد اندلاع الحرب، حيث لم يميز بين هلالي أو مريخي أو منتمٍ لأي نادٍ آخر، فكانت يداه مبسوطتين لكل رياضي في حاجة، يقدم لهم الدعم والمساندة من خلف الستار، في صمتٍ يشبه الكبار.
ومن الشواهد الحية على هذا العطاء ما فعله مؤخرًا مع الزميل المعلق الرياضي المعروف الرشيد بدوي عبيد، الذي خضع لعملية جراحية أسفرت عن بتر ساقه. لم يتردد الفريق ميرغني لحظة، فتولى أمره كاملًا، من استخراج تأشيرة السفر له ولمرافقه نجله وضاح، مرورًا بتوفير السكن اللائق في القاهرة، وتكليف طاقم مكتبه باستقباله في المطار، ووصولًا إلى عرض حالته على أكفأ الأطباء السودانيين والمصريين بترتيب مباشر من أطباء المنظومة، تمهيدًا لتركيب طرف صناعي يعوضه عن ساقه.
لم يكن ذلك غريبًا علينا، فنحن نعلم من هو ميرغني إدريس. نعلم أن مثل هذه الكلمات قد لا ترضيه، لأنه اعتاد أن يعمل في صمت، وأن يترك الفعل يتحدث نيابة عنه، لكن كان لزامًا علينا أن نوثق هذا الموقف الإنساني الذي أعاد الأمل للزميل الرشيد، بعد أن كادت الظروف الصحية والبيئة المتردية في البلاد أن تغلق أمامه أبواب العلاج والنجاة.
لذلك نقولها بصدق وامتنان:
شكرًا ميرغني إدريس، لأنك تذكّرنا دومًا أن الإنسانية لا تحتاج لمنبر أو مكبر صوت، بل تحتاج إلى قلب نابض وإرادة لا تعرف حدودًا.
والشفاء العاجل لعزيزنا الرشيد، الذي ننتظر عودته المشرقة إلى المايكروفون، كما عهدناه دومًا.
نقلا عن آكشن سبورت
0 التعليقات