ملاعبنا.. واجهات حضارية فلننهض بها
الزبير نايل
رغم أن استادي الهلال والمريخ ارتبطا لعقود مكانيا وتاريخيا بوجدان عشاق الناديين، ورسخا كثنائي في ذاكرة أجيال متعاقبة بأهازيج مدرجاتهما كأمكنة لميلاد الفرح وتحقيق الأماني، إلا أن واقع اليوم وما خلفته هذه الحرب اللعينة يفرض علينا النظر بعين العقل والمسؤولية لوضع قطاع الرياضة في بلادنا عامة واستادات الهلال والمريخ والخرطوم والمدينة الرياضية على وجه الخصوص.
ملعبا الهلال والمريخ يقعان في قلب أم درمان، العاصمة الوطنية التي تحتل مكانة خاصة هي كذلك في نفوس السودانيين، لكن مع التوسع السكاني الهائل حول الناديين، وازدياد الكثافة المرورية والعمرانية ومناطق الأسواق إضافة لازدياد عدد مرتادي هذه الأندية، بات واضحًا أن الموقع الحالي يخنق هذه الملاعب، ويحول دون تطويرها بشكل يناسب معايير العصر الحديث في تصميم الملاعب الرياضية.
ثم جاءت الحرب، وطالت يد الدمار كل شيء جميل، فتعرضت هذه المنشآت بكل عراقتها للتخريب كغيرها من معالم البلاد، مما يتطلب جهدا مضاعفا وقدرات استثنائية لإعادة تأهليهما والعودة بها كواجهات رياضية بمواصفات حديثة تليق بتاريخ الكرة السودانية.
إننا اليوم أمام فرصة لإعادة التفكير، لا في الترميم فقط، بل في إعادة التخطيط، بحيث يتم العمل على نقل استادي الهلال والمريخ إلى فضاء أرحب خارج مركز مدينة أم درمان، يسمح بالتوسعة والخدمات الحديثة، ويوفر إطلالات تكون أكثر جذبا واستثمارا، والأمر كذلك بالنسبة للمدينة الرياضية بالخرطوم، بحيث يتم تأهيلها لتكون فعلا الرئة القومية التي تحتضن مباريات المنتخبات الوطنية والفعاليات الكبرى.
ولا سبيل لذلك إلا عبر نفرة قومية تشارك فيها الدولة والقطاع الخاص والجمهور، مع استقطاب الدعم الدولي من الاتحادات والمنظمات الرياضية العالمية، التي ترى في السودان أرضا واعدة بعد عودة الاستقرار.
الرياضة لم تعد اليوم مجرد ترفيه، بل هي لسان أمة، ورسولها إلى العالم، ونافذتها التي يُطل منها الآخرون على حضارتها وموروثها وطاقات شبابها، وفوق ذلك أصبحت قطاعا استثماريا يضخ مبالغ هائلة ما يجعلها أحد روافد وأعمدة اقتصاد الدول التي تولى الرياضة اهتماما كبيرا..
فلننهض بملاعبنا… فهي جزء من وجهنا الحضاري ووجداننا الجماعي.
نقلا عن آكشن سبورت