عدد الزوار: 567,720

تابع آخر أخبار الرياضة من صحيفة أكشن سبورت – تغطية مباشرة وتحليلات مميزة لجميع البطولات المحلية والعالمية.

المثقفون بين أمانة الكلمة ومزالق الهوى..

الصورة

الزبير نايل

في خضمّ الأزمات الخانقة والمنعطفات المصيرية، كتلك التي تعصف ببلادنا اليوم، تتطلّع الشعوب إلى مثقفيها وصفوتها بوصفهم بوصلة العقل وضمير المرحلة. فهم المؤتمنون على الكلمة، والمطلوب منهم أن يضيئوا المشهد بقراءة متأنية، وتحليل واعٍ، تغيب عنه أهواء الذات ومصالح الفئة، وتنحاز فيه الكلمة إلى الوطن لا إلى القبيلة أو الجهة.


في مثل هذه اللحظات الحرجة، يكون المثقف الحقيقي هو من يضع إصبعه على مواضع الألم، ويجتهد ليحمي مجتمعه من الانزلاق في هاويات الكراهية والتشرذم، ويذود بفكره عن وحدة الناس وسلمهم الاجتماعي، لا أن يكون معول هدم أو صوتًا مشروخًا يكرّس الانقسام ويشرعن الكراهية.


فإذا غاب هذا الدور، أو خان المثقف رسالته، وانخرط في التزييف والتدليس، وتحوّل إلى بوق مأجور يضلّل الرأي العام ويزيّن الباطل، فإن المجتمع لا يلبث أن يلفظه، ويخلع عنه ألقابه المصطنعة، ويعامله بما يستحق: خائنا للثقة، وسارقا للحقيقة، وخصما للوعي الجمعي الذي طالما ادّعى تمثيله.


إنَّ حمل الشهادات العليا، واستعراض المعارف، وتنميق العبارات، لا يكفي ليصنع من الإنسان مثقفا ، فقد تُنتج هذه المؤهلات مجرد شخص مكدّس بالمعلومات، بلا روح ولا مسؤولية. فالمثقف الحقّ ليس من يملأ الصالونات كلاما ، بل من يحمل همّ الناس ويُعبّر عنهم، ويخوض معركتهم من أجل الكرامة والعدالة والحرية.


لقد رأينا كيف كان بعض البسطاء، الذين أنارت الفطرة بصائرهم، أكثر وعيا وأصدق موقفا من كثير ممّن حملوا صفة “مثقف”، فكانوا شعلة أمل، بينما أودى أولئك بحضارة بأكملها إلى هاوية الندم والتشظي.


فشتّان بين مثقفٍ يُنير الطريق ويضمّد الجراح، وآخر يزرع القنابل في العقول ويهوي بمجتمعه إلى المهالك.


وإذ نحن نمعن النظر في مشهدنا الراهن ندرك أن الحاجة إلى المثقف المسؤول لم تعد ترفا ، بل صارت ضرورة ملحّة لبقاء المجتمع نفسه. ففي زمن التضليل وتزييف الوعي يكون صوت المثقف الحرّ بمثابة طوق نجاة في بحر مضطرب وضميرا يقظا وسط ضجيج المصالح والأجندات. 

فإن لم ينهض بدوره اليوم.. فمتى؟

شارك عبر:
img
الكاتب

إبراهيم عوض

فريق آكشن سبورت

0 التعليقات

أضف تعليق

سيظهر اسمك وتعليقك فقط للجميع